١- لا ريب أولاً أننا اطلعنا على أسماء بعض المواد التي تدرس في جامعة اليرموك وفي ظني أن أغلب مواد التفسير تدور كلها في فلك التفسير التحليلي. ولكن المؤسف أن هذا التفسير لم يرتق إلى الطموح فيما نرغب ونريد، إذ نرى المسألة لا تعدو أن تكون نقلاً للمادة من الكتب الصفراء إلى الكتب البيضاء دون أي تغيير، والإغراق في البحث عن الجزيئات اللغوية والفقهية المعمقة في الآيات. وهذا جانب ضروري لكنه لا ينبغي الوقوف عنده والقول هذا هو التفسير، فقد جدت دراسات نفسية وبيانية تعنى بمشكلات الإنسان لا بد للمفسر من أن يكون ملماً بها لأن مادة التفسير يجب أن تعالج قضايا الإنسان من خلال القرآن ولهذا برز الشيخ أمين الخولي في دعوته للتفسير الموضوعي علاجاً لما نحن فيه فهو يرى ضرورة هذا النوع من التفسير بأن يفسر القرآن موضوعاً موضوعاً وأن تجمع آيه الخاصة بالموضوع الواحد، جمعاً إحصائياً مستقصياً ويعرف ترتيبها الزمني ومناسباتها وملابساتها الحاقة بها ثم ينظر فيها لتفسر وتفهم، فيكون ذلك التفسير أهدى إلى المعنى وأوثق في تحديده(١)٨) على أنني أرى أن هذه الطريقة لا بد فيها من إدماج التفسير التحليلي بالتفسير الموضوعي بحيث لا يكون تفسير الموضوع إلا بعد دراسة جادة للمفردات والتراكيب التي حملت ذلك الموضوع
٢ - التفسير الإنساني : واعني به ذلك التفسير الذي يلامس حاجات النفس الإنسانية بما فيها من التفكير والشعور والأحاسيس وغيرها مما تشتمله طبيعة الإنسان. فلا ينبغي أن يكون التفسير سائقا للإنسان إلى ما كان عليه أصحاب القرون الأولى بل لا بد أن يكون قائدا له ليكون رياديا في زمانه، فليست غاية التفسير عندنا الائتساء بالسلف والوقوف هناك فحسب، وإنما غايته أن يتقدم بالإنسان ويعالج مشكلاته الحاضرة وهذا لا يتيسر إلا إذا أحس الإنسان أن قضاياه فاعلة في نفس التفسير وشاغله له عن أي موضوع.


الصفحة التالية
Icon