فهو يعلمه كيف يعيش، ويتعامل مع نفسه ومع عائلته ومجتمعه بأحسن وجه، ليحيا حياة طيبة في الدنيا والآخرة. فالمؤمن يمتلك بذلك مفاتيح تفتح أبواب الخزائن القرآنية لمعالجة كل حال ومعضلة تواجهه في حياته اليومية، لتأخذ بيده إلى الخير العميم. ولما كان القرآن الكريم رسالة عالمية للبشر كافة في كل عصر وزمان، فيلزم أن تتجدد دراسته وبيانه حسب حاجات الإنسان فلم يترك القرآن حاجة من حاجات الإنسان العظيمة أو اليسيرة إلا وعالجها بلا نقص، وفي أتم الكمال. ولا نبالغ إذا قلنا إن في القرآن الكريم غاية مطلوب العاقل والمدرك والفاهم، فمثلا الإيمان وما يتعلق به ضرورة لا يستغني عنها البشر. فنجد في القرآن الكريم تفصيل الإيمان، وأسماء الخالق الجليل، وصفاته واستحقاقه وحده بلا شريك للعبادة، والإرشاد إلى تصديق الرسل والملائكة والكتب المنزلة، والبعث بعد الموت، والحشر والحساب والجزاء، والعبادات مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج وما ينفع الإنسان في حياته من حلال وحرام، وبيع وشراء ومعاملات، وأحكام اليتامى والوصية، والنكاح والصداق والنفقة والعدة والرضاع، وكذلك وضع الحدود والقصاص والعقوبات على الجرائم مثل القتل خطأ والقتل العمد وقطع الطريق، والسرقة، والزنا، والقذف، وبين سبل فض النزاع والقتال. ورأب صدع الشقاق في العائلة، والتعامل مع غير المسلمين، والصلح والحرب والاستعداد لها والجرأة على الأعداء والنهي عن الفرار من الزحف، وحال المستأمنين، ومعاملة أسرى الحرب، والعهود، وعلاقات ذوي القربى، ورد الشر بالخير، وفضل الصفح والعفو، والحث على الاستقامة والصدق، وأداء الأمانة، ولزوم العدل، وفضل التواضع وذم الكبر، والنهي عن السخرية والتنابز بالألقاب، وسوء الظن والغيبة والتجسس، ورعاية حرمة البيوت وآداب دخولها، وعفة النساء، وآداب الضيافة...