وعلم التفسير واحد من هذه العلوم بل هو أهمها لأنه يتعلق مباشرة بمصدر هذا الدين شرحاً وتوضيحاً، بياناً وإبرازاً. فهل يدخله التجديد كما يدخل غيره ؟
للإجابة عن هذا التساؤل لا بد أن نحدد بإيجاز ما معنى التفسير وما معنى التجديد.
المبحث الأول : في معنى التفسير والتجديد
التفسير :
تدور مادة التفسير حول معنى الكشف مطلقاً سواءً أكان هذا الكشف لغموض لفظ أم لغير ذلك.
وفي الاصطلاح : كشف معاني القرآن وبيان المراد منه، وهو أعم من أن يكون بحسب اللفظ المشكل، وبحسب المعنى الظاهر وغيره(١)وهو بهذا المعنى يشتمل جميع ضروب البيان لمفردات القرآن وتراكيبه سواء أتعلق البيان بشرح لغة أم استنباط حكم أم بتحقيق مناسبة، أم بيان سبب نزول، أم بدفع إشكال ورد على النص، أم بينه وبين نص آخر، أم بغير ذلك من كل ما يحتاج إلى بيان النص الكريم(٢).
"التجديد "
من الجِدّة، والكلمة تدور على إبراز ما لم يكن بارزاً أو إنشاء ما لم يكن منشأً أو من الإيجابية في العمل والاستمرار فيه(٣).
وليس يعني هذا المصطلح الإتيان بالجديد ضرورة وهذا مالحظه في كل زمان المؤلفون والمبدعون والفاعلون في الأمة في كل أوقاتها.
وقد نقل حاجي خليفة عمن سبقه أن التأليف في العلم على سبعة أنحاء. إذ لا يؤلف عالم عاقل إلا فيها وهي :
١. شيء لم يسبق إليه فيخترعه. مثل الرسالة للشافعي
٢. شيء ناقص يتممه. كالمجموع للنووي حيث تعاقب على تتمته السبكي والمطيعي
٣. شيء مغلق يشرحه. مثل شروح المتون الفقهية واللغوية
٤. شيء مطول يختصره دون أن يخل بمعانيه. مثل مختصر تاريخ دمشق لابن منظور
٥. شيء متفرق يجمعه. مثل القواعد الفقهية لابن رجب حيث جمعها من كتب الفقهاء
٦. شيء مختلط يرتبه. مثل ترتيب المحدثين لبعض الأحاديث على حروف المعجم
٧. شيء أخطأ فيه مصنفه فيصلحه. مثل كتب التعقيبات والردود