إننا ونحن نقرأ كتاب الله تعالى، يحدثنا عما كان يدور بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأقوامهم، نجد أن التهمة بفرية السحر، لم تكن معروفة عند الأنبياء الأول، وإنما كانت متأخرة، وكأن قضية السحر لم تكن مشتهرة عند القبائل الأولى : عاد وثمود، وكل الذي يجيبون به أنبياءهم أنهم بشر يأكلون ويشربون، وأنهم اتبعهم الأرذلون ؛ لذا لا نستطيع أن نفسر كلمة ( مسحرين ) التي قالها قوم صالح بمن أصابه السحر ؛ لأن السحر لم يكن معلوماً لهم ولا معروفاً عندهم، إن السحر ظهر متأخراً وقد حدثنا القرآن عن السحر عند المصريين القدماء، ونحن نعلم قرب المسافة بين مصر ومدين منزل شعيب عليه الصلاة والسلام ؛ لذا كان السحر معلوماً لهم معروفاً عندهم.
وهكذا ندرك نوعي الإعجاز في الآيتين – أعني البياني والتاريخي(١)٠) كما قرر من قبل، والله أعلم فلله در هذا التنزيل وما أعظم وأجمل رسالة الحرف، ونسأله أن يلهمنا الصواب، وأن يفتح علينا في فهم كتابه.
ثانياً : حذف الحرف وذكره في الاستعمال القرآني(٢)١) :
ب- قال تعالى :( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) ( آل عمران : ١٣٩ ) وقال سبحانه :( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ) ( محمد : ٣٥).
قال الأستاذ العلامة : وقفت كثيراً مع الآيتين الكريمتين، أتأمل النظم راجياً من الله أن يكرمني بنور الفهم، والفرق بين الآيتين من حيث النظم ظاهر لك، ففي الآية الأولى ذكرت ( لا ) مرتين ( ولا تهنوا ولا تحزنوا )، ولكنها في الآية الثانية لم تذكر إلا مرة واحدة ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم )، ويعلم الله أن هذا القرآن يحمل حجته على أنه تنزيل رب العالمين، في كل آية من آياته، وأرجو أن تتدبر الآيتين جيداً، وما أظنك إلا أنك سيرقص قلبك، وتتيه نفسك، ويخشع فؤادك، ولقد وجدت ذلك كله – يعلم الله صدق ما أقول -.