وتفسير القرآن الكريم قوامه على عناية المفسرين بمعاني الجمل والتراكيب القرآنية وما ينشأ عن ذلك، وهذا المعنى لا شك في إمكانية تعدده. ذلك أنه لم يكن من شرط التفسير عند أي من المفسرين سواءً أكانوا متقدمين أم متأخرين – إن السابقين قد أتوا على جميع محتملات التفسير، بل هناك احتمالات كثيرة صحيحة ذكرها المتأخرون ولم يذكرها السلف. ومن يطالع التفاسير لا تخفى عليه هذه القضية لكن لا بد من وضع الضوابط لهذا الاحتمال الجديد حتى يكون مقبولا :
أولا : أن يكون المعنى المذكور صحيحاً في نفسه.
ثانيا : أن لا يكون مبطلاً قول السلف.
ثالثا : أن تحتمله الآية.
رابعا : أن لا يقتصر في معنى الآية على هذا الاحتمال الجديد(١)١٥ ) وهذه الضوابط التي ذكرها الأستاذ الفاضل مع ما فيها مما يمكن أن يناقش أو يرد، إلا أنني أقول إن ما يذكره أستاذنا الدكتور فضل عباس باستمرار في مجالسه من ضوابط لهذا الأمر أعني قبول التفسير الجديد هي أقوى وأولى وهذه الضوابط هي :-
١) أن لا يخالف التفسير الجديد ما صح من المأثور.
٢) أن لا يتناقض مع اللغة.
٣) ألا يتعارض مع السياق.
وهو حفظة الله يردد هذه الضوابط كثير حتى حفظت عنه جزاه الله تعالى خيراً.
وبعد هذا وذاك لو كان التفسير لا يجوز فيه الاجتهاد عبر القرون لكان مما بينه الرسول ﷺ ولم يتركه نهبا للأقاويل. ولا أدل على بطلان القول بمنع قبول التفسير الجديد من مخالفة جميع المفسرين في تفاسيرهم له. والله تعالى أعلم.
إذا تبين هذا تبين منه أن التجديد مطلب شرعي وعقلي دعت إليه دواع كثيرة وأنا هنا لست بصدد الحديث عن التجديد بعامة و إنما عن تجديد التفسير فهل لهذا النوع من التجديد دواع ؟
وفي الإجابة عن هذا التساؤل لا بد من بيان أن القرآن الكريم لو نظر الناظر إليه بعين التدبر لرأى بعين البصر والبصيرة أن الدواعي كثيرة منها :


الصفحة التالية
Icon