فصل : بعض الحكم من استتفتاح بعض سور القرآن بالحروف المقطعة :


إن الله حكيم في كل أفعاله وأقواله فهذه معاني الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض سور القرآن لم نعرف معناها، و ما كان عدم معرفتنا معاني هذه الحروف إلا لحكم بالغة منها تحدي البلغاء و أهل اللغة فرغم أن القرآن تتركب حروفه من حروف اللغة العربية فلن يستطيعوا أن يأتوا بمثله فلا أحد يستطيع أن يأتي بمثل هذا القران المركب من هذه الحروف و أمثالها قال تعالى :﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾ (١) أي : قل: لو اتفقت الإنس والجن على محاولة الإتيان بمثل هذا القرآن المعجز لا يستطيعون الإتيان به، ولو تعاونوا وتظاهروا على ذلك، .
و من حكم استتفتاح بعض سور القرآن بالحروف المقطعة أيضا : قطع الغرور العلمي لمن يظن أنه يعرف كل شيء، وأنه قد أحاط بكل شيء فهذا حرف لا يستطيع معرفة معناه ألست تزعم أنك تعرف كل شيء فعرفنا إذاً معنى قوله تعالى :﴿ المص ﴾ (٢) أو قوله تعالى :﴿ كهيعص ﴾ (٣) أو قوله تعالى :﴿ حم عسق ﴾ (٤).
و من حكم استتفتاح بعض سور القرآن بالحروف المقطعة أيضا : الإشارة إلى أن معاني القرآن لا يمكن أن تعرف كلها فليس كلام الله ككلام البشر يمكن أن يعرف جميع ما فيه.
و من حكم استتفتاح بعض سور القرآن بالحروف المقطعة أيضا : الإشارة إلى عدم إحاطة أحد بعلم الله فإذا كانت هذه الحروف في بعض كلامه لا يعرفون معناها فكيف يحيطون به علما.
(١) - الإسراء الآية ٨٨
(٢) - الأعراف الآية ١
(٣) - مريم الآية ١
(٤) - الشورى الآية ١ و ٢


الصفحة التالية
Icon