وإن لم يكن منكراً له في عقله ولسانه، فنزل منزلة المنكر له غير المقرّ به لأن أعماله أعمال المنكرين له والعبرة بالأعمال لا بالأقوال. فأكّده له تأكيدَ المنكرين له لعله يَرْعوي ويتطامن.
جاء في (روح المعاني) :"وقيل إنما بولغ في القرينة الأولى، لتمادي المخاطبين في الغفلة، فكأنهم نزلوا منزلة المنكرين لذلك، وأخليت الثانية لوضوح أدلتها وسطوح براهينها. وربما يقال: إن شدة كراهة الموت طبعاً التي لا يكاد يَسْلَمُ منها أحد، نزلت منزلة شدة الإنكار، فبولغ في تأكيد الجملة الدالة عليه. وأما البعث فمن حيث إنه حياةٌ بعد الموت لا تكرهه النفوس، ومن حيث إنه مَظنةٌ للشدائد تكرهه، فلما لم يكن حاله كحال الموت، ولا كحال الحياة، بل بَيْنَ بين، أكدت الجملة الدالة عليه تأكيداً واحداً".
وجاء في (البحر المحيط) : إنه إنما بولغ في تأكيد الموت "تنبيهاً للإنسان أن يكون الموت نُصْبَ عينيه، ولا يغفل عن تَرَقُّبِهِ، فإن مآله إليه، فكأنه أكدت جملته، ثلاث مرار لهذا المعنى لأن الإنسان في الحياة الدنيا يسعى فيها غاية السعي ويؤكد ويجمع حتى كأنه مُخَلَّدٌ فيها فنبه بذكر الموت مؤكداً مبالغاً فيه ليقصر وليعلم أن آخره إلى الفناء فيعمل لدار البقاء".
٥- إن الآية لم ترد في سياق المنكرين للبعث، بل هي في سياق المؤمنين العالمين بمقتضى إيمانهم الوارثين للفردوس، فلا يقتضي ذلك تأكيد البعث كتأكيد المنكرين له.
وقد تقول: أفيقتضي هذا السياقُ تأكيدَ الموت؟