ثم انظر أية كارثة تحيق بالبشرية من تكاثرٍ مستمرٍ بلا موت؟ إنه أكبر وأخطر من أي سرطان عُرف أو يُعرف.
ثم انظر كيف يعيش الناس عند ذاك، وما مقدار ما يكفيهم من الغذاء والكساء، وأماكن السكن، أية أرض ستتسع لهم؟ وغير ذلك وغيره من الأمور التي يطول تعدادها.
أرأيت كيف أن الموت من أعظم نعم الله على البشرية في هذه الأرض؟ ألا ترى أن ذلك به حاجة إلى التنويه والنظر في أمره وتأمُّلِ نعمةِ الله فيه، كنعمةِ الخلق والإيجاد، ولذا أكدهما تأكيداً متناظراً، فقد أكد كلاًّ من الخلق والموت تأكيدين وأكد البعث تأكيداً واحداً.
أنا لا أرى نعمة ممقوتة كهذه النعمة، ونعمة مَخُوفةً كهذه النعمة، ونعمة مُحزنة مُبكية مُؤْسيةً كهذه النعمة.
إن توكيد الموت لم يجىء من حيث إنكار وقوعه، فإنّه لا ينكر أحد وقوعه، وإنما جاء من ناحيةِ إنكارِ عدم العمل بمقتضى هذه المعرفة، وعدم تقدير هذه النعمة حق قدرها على البشرية لا على الفرد الواحد بعينه.
٨- ذهب أكثر النحاة إلى أن اللام الداخلة على الفعل المضارع، تُخلصه للحال زيادةً على إفادةِ التوكيد فإذا قلت: (إنه ليكتب) فمعناه: إنه يكتب الآن. أما إذا دخلت على الاسم فلا تخلصه للحال، بل تكون للتوكيد فقط، قيل: ولذا أكد الموت باللام ولم يؤكد البعث بها.
جاء في (البحر المحيط) :"وكنتُ سُئِلْتُ: لِمَ دخلت اللام في قوله: ﴿لَمَيِّتُونَ﴾، ولم تدخل في ﴿تُبْعَثُونَ﴾، فأجبتُ: بأن اللام مخلصة