المضارع للحال غالباً، فلا تجامع يوم القيامة، لأن إعمال (تبعثون) في الظرف المستقبل تخلصه للاستقبال، فتنافي الحال.
وإنما قلت: (غالباً) لأنه قد جاءت قليلاً مع الظرف المستقبل، كقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة﴾ [النحل: ١٢٤]، على أنه يحتمل تأويل هذه الآية، وإقرار اللام مخلصة المضارع للحال، بأن يقدر عامل في يوم القيامة".
ويبدو لي أن هذا هو الغالب، وليس هو قاعدة مطردة والله أعلم.
مما تقدم يتضح أن تأكيد الموت بإنَّ واللام، وتأكيد البعث بإنّ وحدها له أكثر من سبب يدعو إليه. هذا علاوة على جو السورة التي وردت فيها الآية، واقتضى تأكيد الموت هذا التأكيد بخلاف ما في (الزمر). فاقتضى ذلك من كل وجه هذا التعبير.
وأمَّا بالنسبة إلى السؤال الثالث، وهو السؤال عن سبب ختم آية (المؤمنون) بالبعث، وختم آية الزّمر بالاختصام فنقول:
إن نهاية كلّ آية تناسب سياق الآية الذي وردت فيه وتناسب جو السورة التي هي فيها.
فإنَّ آية (المؤمنون) وقعت في سياق بَدْءِ خَلْقِ الإنسان وتطوره إلى منتهاه، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلك لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة تُبْعَثُونَ﴾.