فأنتَ ترى أن ختام الآيات هذه بالبعث، هو الختمُ الطبيعي، وهو الحلقة النهائية في سلسلة الحياة وتطورها.
أما آية الزمر، فقد وقعت في سياقٍ آخر يقتضي ختم الآية بالخصومة، قال تعالى: ﴿ضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الحمد للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾.
والشركاء المتشاكسون مظنة الوقوع في الخصام، فكان الختم بذلك أمراً طبيعيّاً يقتضيه السياق.
ثم إن جو سورة الزمر شائعٌ فيه ذِكْرُ الخصومات والفصل بين المختلفين، لأن الخصومة تقتضي الحكم والقضاء.
أما جو سورة المؤمنون فشائعٌ فيه ذِكْرُ الموت والبعث.
إن ذكر البعث والحياة الآخرة شائع في سورة (المؤمنون).
فقد قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة تُبْعَثُونَ﴾.
وقال: ﴿وَقَالَ الملأ مِن قَوْمِهِ الذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ الآخرة﴾.
وقال: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾.
وقال: ﴿والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾.
وقال: ﴿وَإِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة عَنِ الصراط لَنَاكِبُونَ﴾.
وقال: ﴿وَهُوَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اختلاف الليل والنهار﴾.
وقال: ﴿قالوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هاذا مِن قَبْلُ إِنْ هاذآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأولين﴾.


الصفحة التالية
Icon