وذكر مشهداً من مشاهد أهل النار: (انظر الآيات ١٠٣-١٠٨)، ثم قال: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾.
فأنتَ ترى أن جو السّورة، يشيع فيه ذِكْرُ البعث واليوم الآخر، فناسب ختام الآية جو السورة، علاوة على السياق الذي وردت فيه.
أما سورة الزمر فقد شاع فيها ذكر الخصومات والقضاء والحكم، فقد بدأت السورة، بقوله تعالى: ﴿تَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز الحكيم﴾ و (الحكيم)، صفةٌ قد تكون من الحكم، وهو الفصل في الأمور، أي القضاء كما قال تعالى: ﴿إِنِ الحكم إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ الحق وَهُوَ خَيْرُ الفاصلين﴾ [الأنعام: ٥٧]. وقد تكون من الحكمة.
وقال بعدها: ﴿إِنَّ الله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾، وهو واضح في الحكم بين المختلفين. والخصومةُ إنما هي لونٌ من ألوان الاختلاف.
وقال: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾.
وقال: ﴿أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾.
وقال: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُم بالحق وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾. والقضاء يقتضي اختلافاً وفصلاً.
فأنتَ ترى أن جَوَّ السورة شاع فيه الفصلُ والاختلافُ والخصومات، فناسب ختام الآية جو السورة.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لقد ناسب ختام كل آية مُفْتَتحَ سورتها وخاتمتها.


الصفحة التالية
Icon