وجاء في (تفسير البيضاوي) :"وإنما عدل عنه إلى الرفع، ليدلَّ على عموم الحمد وثباته، دون تَجَدُّدِه وحدوثه".
وقد تقول: أليس تقدير فِعْلِ الأمر في قراءة النصب أقوى من الرفع، بمعنى: (احمدوا الحمدَ لله)، كما تقول: (الإسراع في الأمر)، بمعنى أسرعوا؟
والجواب: لا، فإن قراءةَ الرفع أولى أيضاً، ذلك لأن الأمر بالشيء، لا يعني أن المأمور به مستحق للفعل، فقولك: امدحْ زيداً، لا يعني أن زيداً مستحقٌّ للمدح، وقولك: اهجُ خالداً، لا يعني أن خالداً مستحق للهجو. وقد يكون المأمور غير مقتنع بما أُمِرَ به، فقد يؤمر الإنسانُ بشيء وهو غير مقتنع به، كأن تقول: اذكر فلاناً بخير، وهو لا يستحق أن يُذكر بخير، أو أن المأمور غير مقتنع بذاك بخلاف الرفع، فإنه يفيد ثُبوتَ الشيء، واستقرارَه على جهة الاستحقاق. وحتى لو أفاد الأمر أفاد ذلك على جهة الثبات أيضاً والدوام نحو: صبرٌ جميلٌ يا فتى، بمعنى: اصبر. فكان الحمدُ لله أولى من: الحمدَ لله بالنصب في الإخبار والأمر.
وهي أعني: (الحمد لله)، أَوْلى من: (حمداً لله).
ذلك أن: (الحمدُ لله) جملة اسمية، كما ذكرنا، و: (حمداً لله)، فعليه، والجملة الاسمية، أقوى وأثبت من الفعلية، كما ذكرنا قبل قليل.
وإن (الحمد) مُعَرَّفةٌ بأل في حين أن (حمداً) نكرة، والتعريف ههنا يفيد ما لا يفيدهُ التنكير، ذلك أن (ال) قد تكون لتعريف العهد، فيكون المعنى: أن الحمدَ المعروفَ بينكم هو لله. وقد تكون لتعريف الجنس على