سبيل الاستغراق، فيدل على استغراق الأحمدة كلها. وَرجَّحَ بعضهم المعنى الأول، ورجح بعضهم المعنى الثاني، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لك الحمدُ كلُّه" فدل على استغراق الحمد كله.
والراجحُ فيما يبدو لي، أن المعنيين مرادان، ذلك أن التعبيرَ يحتملهما معاً، فعلى هذا يكون المعنى: أن الحمد المعروف بينكم، هو لله سبيل الاستغراق والإحاطة، فلا يخرج عنه شيء من أفراد الحمد ولا أجناسه.
وعلى أية حال، هو أولى من التنكير الذي ليس فيه دلالة على هذا المعنى.
واختلف في جملة الحمد هذه أعني: (الحمدُ لله) أَخبريةٌ هي، أم إنشائية؟ فذهب معظم العلماء إلى أنها خبرية، وأن القصد هو الإخبار بثبوت الحمد لله، كما تقول: (المال لزيد)، و (الكتاب لخالد). وقيل: هي إنشائية، فإن القصدُ ذِكْرُ ذلك على جهةِ المدحِ والتعظيم، وقال بعضهم: "هي وأمثالها، إخبارية لغة ونقلها الشارع للإنشاء لمصلحة الأحكام"، وقال بعضهم: هي إخبار يتضمن إنشاء.
جاء في (روح المعاني) :"إن الحمد إخبار عن محاسن الغير، مع المحبة والإجلال. والمدح إخبار عن المحاسن ولذا كان الحمد إخباراً يتضمن إنشاء، والمدح خبراً محضاً".
وهذا هو الراجح في رأيي، فإنها تحتمل الخبر وإنشاء التعظيم، فتجمع المعنيين معاً. وعبارة الحمد الواردة في السورة أعني: (الحمد لله)


الصفحة التالية
Icon