أولى من: (إن الحمد لله)، مِن أكثر مِن وجه، ذلك لأنه ليس المقام مقام شَكٍّ أو إنكار، فيحتاج إلى التوكيد، فإنها توجيه للمؤمنين الذي يُقِرُّونَ ذلك ولا ينكرونه.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، إن عبارة: (الحمد لله)، تحتمل الخبر وإنشاء التعظيم كما ذكرنا فتجمع المعنيين معاً، ولو قلت: (إن الحمد لله) لأصبحت خبراً محضاً لا تحتمل الإنشاء. ونظير ذلك الدعاء فإنه إنشاءٌ فإذا أدخلت عليه (إن) خرج من الدعاء إلى الخبر فإن قولك: (رحمة الله عليه)، و: (الله يغفر له)، دعاء فإذا أدخلت (إن) عليه، فقلت: (إن رحمة الله عليه) و (إن الله يغفر له)، كان الكلامُ خبراً لا دعاء.
فـ (الحمدُ لله) أولى من (إن الحمد لله) لِمَا فيها من جمع مَعْنيي الخبر والإنشاء. كما أن عبارة الحمد هذه أعني: (الحمدُ لله) أولى ههنا من: (لله الحمد) من أكثر من وجه.
من ذلك أن عبارةَ (للهِ الحمدُ) فيها اختصاصٌ، أو إزالةُ شكٍّ عمَّن ادَّعى أنَّ الحمد لغير الله أو ادّعى أنَّ هناك ذاتاً مشتركة معه في الحمد فقدمتَ الجار والمجرور لإزالة هذا الشك أو لقصد الاختصاص، في حين أنَّ المقامَ ليس مقام إزالة شك، ولا أنَّ هناك من ادّعى أن الحمد لغير الله فتقدم الجار والمجرور لقصد الاختصاص.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، إن الحمد في الدنيا ليس مختصاً لله وحده، وإن كان هو سببه كله، فالناس قد يحمد بعضهم بعضاً "فالأستاذ يتسحق الحمدَ من التلميذ، والسلطان العادل، يستحق الحمد من الرعية". وفي الحديث: "مَنْ لم يحمد الناس، لم يحمد الله". ومعنى


الصفحة التالية
Icon