من سورتي المعارج وعبس
من سورة المعارج
﴿يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ المجرم لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ التي تُؤْوِيهِ * وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ * كَلاَّ إِنَّهَا لظى * نَزَّاعَةً للشوى * تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وتولى * وَجَمَعَ فأوعى * إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً * إِلاَّ المصلين﴾.
من سورة عبس
﴿فَإِذَا جَآءَتِ الصآخة * يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وصاحبته وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾.
***
بدأ في سورة (عبس) بذِكْرِ الأخِ فالأم فالأب فالصاحبة ثم الأبناء في الأخير.
وفي سورة المعارج على عكس ذلك، فقد بدأ بالأبناء، فالصاحبة فالأخ فالفصيلة، ثم انتهى بأهل الأرض أجمعين.
وسبب ذلك والله أعلم أن المقام في (عبس) مقام الفرار والهرب، قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ المرء﴾ والإنسان يفرّ من الأباعد أولاً، ثم ينتهي بألصقِ الناس به وأقربهم إليه، فيكونون آخر مَن يفر منهم. والأخ أبعد المذكورين في الآية من المرء. وإنَّ ألصقهم به زوجهُ وأبناؤه، فنحن ملتصقون في حياتنا بأزواجنا وأبنائنا أكثر من التصاقنا بإخواننا وآبائنا وأمهاتنا. فقد تمر شهور بل ربما أعوام ونحن لا نرى إخواننا في حين نأوي كل يوم إلى أزواجنا وأبنائنا.