من سورتي المعارج والقارعة
قال تعالى في سورة المعارج: ﴿وَتَكُونُ الجبال كالعهن﴾.
وقال في سورة القارعة: ﴿وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش﴾.
فزاد كلمة (المنفوش) في سورة القارعة على ما في المعارج فما سببُ ذاك.
والجواب:
١- أنه لما ذكر القارعة في أول السورة، والقارعة من القَرْع، وهو الضربُ بالعصا، ناسبَ ذلك ذكر النفش، لأن من طرائق نفش الصوف أن يُقْرعَ بالمقرعة. كما ناسب ذلك من ناحية أخرى وهي أن الجبال تُهَشَّمُ بالمقراع (وهو من القرع) وهو فأسٌ عظيم تُحَطَّمُ به الحجارة، فناسب ذلك ذكر النفش أيضاً. فلفظ القارعة أنسب شيء لهذا التعبير. كما ناسب ذكر القارعة ذكر (الفراش المبثوث) في قوله: ﴿يَوْمَ يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث﴾ أيضاً لأنك إذا قرعت طار الفراش وانتشر. ولم يحسن ذكر (الفراش) وحده كما لم يحسن ذكر (العهن) وحده.
٢- إن ما تقدم من ذِكْرِ اليومِ الآخر في سورة القارعة، أهول وأشد مما ذكر في سورة المعارج فقد قال في سورة المعارج: ﴿تَعْرُجُ الملائكة والروح إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ * فاصبر صَبْراً جَمِيلاً * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً﴾ وليس متفقاً على تفسير أن المراد بهذا اليوم، هو اليوم الآخر. وإذا كان المقصود به اليوم الآخر فإنه لم يذكر إلا طول ذلك اليوم، وأنه تعرج الملائكة والروح فيه. في حين