استعماله في العرف بهذا المعنى في العالم المحسوس، لإلْفِ النفس بالمحسوسات فجمع ليفيد الشمول قطعاً".
والظاهر أنه يَصحُّ إطلاقُ لفظ (العالمين) على الجيل الواحد، أو الأجيال بدليل قوله تعالى في بني إسرائيل: ﴿يابني إِسْرَائِيلَ اذكروا نِعْمَتِي التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين﴾ [البقرة: ٤٧]. فإن هذا التفضيل مخصوص بزمانهم، وقوله تعالى في مريم: ﴿وَطَهَّرَكِ واصطفاك على نِسَآءِ العالمين﴾ [آل عمران: ٤٢]. وذلك في زمانها خاصة، وقوله تعالى: ﴿أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين﴾ [الشعراء: ١٦٥]. وذلك خاص بالذكور من أهل زمانهم. ومثله قوله تعالى: ﴿قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ العالمين﴾ [الحجر: ٧٠] وذلك في الذكور خاصة من أهل زمانهم، بل في مجموعة من أهل زمانهم وقد سماهم (عالمين) أيضاً. وقال: ﴿أَتَأْتُونَ الفاحشة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن العالمين﴾ [الأعراف: ٨٠]. وهذا يشمل جميع الإنس من زمن آدم إلى زمانهم.
وقد تشملُ عمومَ المكلفين، أو العقلاء على مر الأجيال، وذلك نحو قوله تعالى: ﴿وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: ١٠٨].
وقد خَصَّ هذه اللفظةَ بعضُ أهل العلم بالمكلفين خاصة، ورُدّ بقوله تعالى: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العالمين * قَالَ رَبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢٣-٢٤]. ففسر رب العالمين بأنه رب السماوات والأرض، وما بينهما وهو عامٌّ شامل لكل ما في الوجود.
والذي يبدو لي أن هذا الاستدلال فيه نظر، فهو لم يشرح كلمة (العالمين)، بل بَيَّنَ صفة ﴿رَبِّ العالمين﴾ وقد يبيّن بتعبيرات مختلفة كلها صادقة عليه، فقد تقول: ما رَبُّ هذه الدار؟ فيقالُ لكَ: تاجر، أو فقيه، أو