﴿فَأَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ﴾ [الجاثية: ٣٠].
وذكر الشرائع التي أنزلها الله على البشر، وهذا كله من مظاهر الربوبية للعالمين، فناسب هذا التفصيلَ في سورة الجاثية في حين لم يذكر في سورة الفاتحة إلا أصناف المكلفين.
ثم إنه لما خص بالذكر في سورة الفاتحة، أصنافَ الخلق من العقلاء، قال: ﴿رَبِّ العالمين﴾ ولَمَّا فَصَّلَ في سورة الجاثية في ذكر السماوات والأرض، وما فيها من دابة وبشر، قال: ﴿رَبِّ السماوات وَرَبِّ الأرض رَبِّ العالمين﴾ [الجاثية: ٣٦].
فناسب كلُّ كلام موضعه.
ثم قال بعد ذلك في سورة الجاثية: ﴿وَلَهُ الكبريآء فِي السماوات والأرض﴾ [الجاثية: ٣٧] فذكر الكبرياء إضافة إلى الحمد، ولم يذكر غير الحمد في الفاتحة، ذلك أنه جرى ذِكْرُ المستكبرين بغير الحق في السورة، فناسب ذِكْر الكبرياء الحق له سبحانه، وأنه مُخْتَصٌّ به. قال تعالى: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ ءايات الله تتلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا﴾ [الجاثية: ٧-٨].
وقال: ﴿وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءاياتنا شَيْئاً اتخذها هُزُواً﴾ [الجاثية: ٩].
والهزو من مظاهر الاستكبار.
وقال: ﴿أَفَلَمْ تَكُنْ ءاياتى تتلى عَلَيْكُمْ فاستكبرتم وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ﴾ [الجاثية: ٣١].
وقال: ﴿وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الجاثية: ٣٣].
والاستهزاء من مظاهر الاستكبار.
وقال: ﴿ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتخذتم ءايات الله هُزُواً﴾ [الجاثية: ٣٥].
فناسب ذلك أن يذكر أن له الكبرياء في السماوات والأرض.