خَلَّصه. وإن المالك يدافع عما يملك ويحميه، ويحفظه من الاعتداء عليه، وذلك ما لا يفعله الملك.
وقصارى ما يفعله المَلِكُ إذا عُرِضَ عليه شخص للقيام بواجبٍ ما، وكان مريضاً أن يرده، ولا يكلفه بالواجب، أما المالك فإنه يعالجه ويقوم بأمره.
فالقراءة بها مناسبة للرحمة في قوله تعالى: ﴿الرحمن الرَّحِيمِ﴾، ومناسبة ليوم الدين، والخَلْقُ أحوجُ ما يكون آنذاك إلى مالك أمرهم، يرعاهم ويرحمهم. فالقراءة بـ (مالك) كما يقول صاحب (روح المعاني) :"أرفقُ بالمذنبين مثلي وأنسب بما قبله، وإضافته إلى يوم الدين ليكسر حرارته". إلى غير ذلك.
وقيل: إن الملك لا يكون إلا أعظم الناس وأعلاهم، ولا يكون إلا واحداً، في حين أن كل واحد من أهل البلد يكون مالكاً فيكون الملك أشرف من المالك.
والذي يبدو، إنما أنزلت القراءتان لتجمعا بين معنيي المالك والملك، فيكون مالكاً ملكاً، وذلك نظير قوله تعالى: ﴿مَالِكَ الملك﴾ [آل عمران: ٢٦]. فالمُلك إنما هو لِلمَلِكِ لا لِلمالِكِ، كما قال تعالى على لسان فرعون: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهاذه الأنهار تَجْرِي مِن تحتيا﴾ [الزخرف: ٥١].
فجمع بين المالك والملِك، وأفاد أن المُلك إنما هو مِلْك له ولا يتأتى ذلك في قراءة واحدة.


الصفحة التالية
Icon