يفيد أن المتكلمَ أكرمَ المُخاطَبَ، ولا يفيد أنه خَصَّهُ بالإكرام بخلاف قوله: (إياك أكرمت) فإنه يفيد أنه خَصَّهُ بالإكرام فلم يُكْرِمْ أحداً غيره.
وتكرير (إياك) مع فعل الاستعانة يفيد التخصيص على حصر الاستعانة به، فإنه لو قال: (إياك نعبد ونستعين) لأفاد أنه يخصه بالعبادة، ولم يُفِدْ أنه يخصّه بالاستعانة نصّاً، بل لم يعيّن الذات التي يستعين بها أيضاً.
كما أنه لو اقتصر على ضميرٍ واحد فقال: (إياك نعبد ونستعين) لربما أفهم أنه لا يتقرب إليه إلا بالجمع بين العبادة والاستعانة، فلا يعبد من دون استعانة ولا يستعين من دون عبادة وهو غير صحيح، ونظيره أن تقول: (إياك أعطي وأحذر) فإن هذا قد يفهم أن الحذر يكون مع العطاء ولا يكون عطاء على وجه الاستقلال، أو حذر على وجه الاستقلال، وربما أفهم أيضاً الاستقلال في العطاء والحذر. فإن قال: (إياك أُعطي وإياك أحذر) أفاد أنه يخصه بالعطاء، وأنه يخصه بالحذر على كل وجه سواء اجتمع العطاء والحذر أم لم يجتمعا.
جاء في (روح المعاني) :"في سر تكرار (إياك) فقيل: للتخصيص على طلبِ العون منه تعالى، فإنه لو قال سبحانه: (إياك نعبد ونستعين) لاحتمل أن يكون إخباراً بطلب المعونة من غير أن يعين ممن يطلب.
وقيل: لو اقتصر على واحد ربما توهم أنه لا يتقرب إلى الله تعالى إلا بالجمع بينهما، والواقع خلافه".
ثم إن في تكرير (إياك) من الاهتمام والقوة ما ليس في الحذف، فقولك: (إياك أحفظ وإياك أرعى) أقوى من (إياك أحفظ وأرعى).