جاء في (التفسير القيم) :"ففي إعادة الضمير من قوة الاقتضاء لذلك ما ليس في حذفه، فإذا قلت لملك مثلاً: إياك أحبُّ وإياك أخاف، كان فيه من اختصاص الحب والخوف بذاته والاهتمام بذكره، ما ليس في قولك: إياك أحب وأخاف". فاقتضى التكرار من كل وجه.
ثم لننظر من ناحية أخرى، كيف أطلق فِعْلَ الاستعانة ولم يقيده بشيء، فإنه قال: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ ولم يقل: نستعين على كذا، أو على كذا فلم يقل مثلاً: (نستعين على العبادة) أو نستعين على الطاعة، أو ما إلى ذلك، وذلك أنه أراد إطلاق الاستعانة لتشمل كل شيء يريده الإنسان، ولا يخصها بشيء، فهو يستعينُ بالله على العبادة، وعلى طلب الرزق، وعلى النصر على الأعداء، وعلى أن ييسر له أموره، وعلى أن يقضي له حوائجه، فتشمل كل أمور الدنيا والآخرة.
قيل: ولو خصَّ الاستعانة بالعبادة والطاعة، لبقي حكم الاستعانة في غيرها مجهولاً.
جاء في (روح المعاني) :"في سر إطلاق الاستعانة فقيل: ليتناول كلَّ مُستعانٍ فيه، فالحذف هنا مثله في قولهم: (فلان يعطي) في الدلالة على العموم. وأيضاً لو كان المَرادُ الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة، لبقي حكم الاستعانة في غيرها غير معلوم في أم الكتاب".
ثم لننظر من ناحية أخرى، كيف عبر عن العبادة والاستعانة بلفظ الجمع، لا الإفراد فقال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ ولم يقل: (أعبد وأستعين)، وذلك إشارة إلى أهمية الجماعة في الإسلام فالدين