مطلوب لغيره فيقال: هداه إلى الصراط وهداه الصراط. قال تعالى: ﴿بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ﴾ [الحجرات: ١٧]. فجعل الإيمان غاية، ذلك أن الإيمان من الأمن، وهو استقرار النفس وطمأنينتها، وأكثر ما يرهق الإنسان فَقْدُ أمنه النفسي فبلوغه غاية من أعظم الغايات.
وقال: ﴿قُلِ الله يَهْدِي لِلْحَقِّ﴾ [يونس: ٣٥]. وقال: ﴿إِنَّ هاذا القرآن يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩]. وقال: ﴿الحمد للَّهِ الذي هَدَانَا لهاذا﴾ [الأعراف: ٤٣]. وقال: ﴿يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ﴾ [النور: ٣٥]. ولم يَرِدْ ذِكْرٌ للسبيل أو نحوه مع اللام كما ترى بل هذه كلها غايات، فالإيمان والحق والتي هي أقوم والنورُ والجنة، كلها غاياتٌ مُرادةٌ مطلوبة، وقد استعملت اللام معها.
والملاحظ أيضاً أن هذه الهداية، وهي الهداية للغاية والانتهاء إليها اختصَّها اللهُ لنفسه أو لقرآنه، فلم يستعمل (هدى لكذا) إلاّ له سبحانه أو لكتابه فهو المبلغ للغايات بخلاف هداه كذا أو هداه إلى كذا، فقد استعمله له ولغيره، قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لتهدي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢]. وقال: ﴿فاتبعني أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً﴾ [مريم: ٤٣].
وقد تقول: لكن القرآن استعمل تعبيرين أحياناً في سياق واحد، مما يدل على أنهما بمعنى واحد، وذلك نحو قوله تعالى: ﴿قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتبع رِضْوَانَهُ سُبُلَ السلام وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظلمات إِلَى النور بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: ١٥-١٦].