والجواب: أن الذين كملت نِعَمُ الله عليهم، هم الذين جمعوا بين معرفة الحق لذاته والخير لأجل العمل به، فهؤلاء هم المرادون بقول: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾، فإن اختلّ قيدُ العمل فهم الفَسَقة، وهم المغضوب عليهم كما قال تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خالدا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ﴾ [النساء: ٩٣].
وإن اختلَّ قيدُ العلم، فهم الضالون لقوله تعالى: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الحق إِلاَّ الضلال﴾ [يونس: ٣٢] ".
وجاء في (التفسير القيم) :"مِنْ ذِكْرِ المُنْعَمِ عليهم وتمييزهم عن طائفتي الغضب والضلال، فانقسم الناس بحسب معرفة الحق والعمل به إلى هذه الأقسام الثلاثة. لأن العبد إما أن يكون عالماً بالحق أو جاهلاً به، والعالم بالحق إما أن يكون عاملاً بموجبه أو مخالفاً له. فهذه أقسام المكلفين لا يخرجون عنها البتة. فالعالمُ بالحق العاملُ به هو المُنْعَمُ عليه... والعالم به المتبع هواه هو المغضوب عليه. والجاهل بالحق هو الضال، والمغضوب عليه ضال عن هداية العمل. والضال مغضوب عليه لضلاله عن العلم الموجب للعمل، فكلٌّ منهما ضال مغضوب عليه، ولكن تارك العمل بالحق بعد معرفته به أولى بوصفِ الغضب وأحق به".
وجاء فيه أيضاً: "فإن مدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين: فساد العلم وفساد القصد، ويترتب عليهما داءان قاتلان وهما الضلال والغضب.
فالضلال نتيجة فساد العلم، والغضب نتيجة فساد القصد. وهذان المرضان هما ملاكُ أمراض القلوب جميعها، فهداية الصراط المستقيم يتضمنُ الشفاء من مرضِ الضلال...


الصفحة التالية
Icon