الباطل كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء: ٨١]. وقال: ﴿فَإِذَا جَآءَتِ الصآخة * يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ﴾ [عبس: ٣٣-٣٤]. وقال: ﴿فَإِذَا جَآءَتِ الطآمة الكبرى﴾ [النازعات: ٣٤].
وهذا كله مما فيه صعوبة ومشقة.
وقد تقول: وقد قال أيضاً: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية﴾ [الغاشية: ١].
والجواب: أن الذي جاء هنا هو الحديث وليس الغاشية في حين أن الذي جاء هناك هو الطَّامةُ والصاخَّة ونحوهما مما ذكر.
ويتضح الاختلاف بينهما في الآيات المتشابهة التي يختلف فيها الفعلان، وذلك نحو قوله تعالى: ﴿أتى أَمْرُ الله﴾ [النحل: ١]. وقوله: ﴿فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ الله﴾ [غافر: ٧٨]، ونحو قوله: ﴿جَآءَهُمْ نَصْرُنَا﴾ [يوسف: ١١٠] و ﴿أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾ [الأنعام: ٣٤]، ونحو قوله: ﴿لَّجَآءَهُمُ العذاب﴾ [العنكبوت: ٥٣] ﴿وَأَتَاهُمُ العذاب﴾ [النحل: ٢٦] وما إلى ذلك.
فإنه يتضح الفرق في اختيار أحدهما على الآخر، وإليك إيضاح ذلك:
قال تعالى: ﴿أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النحل: ١]. وقال: ﴿فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ الله قُضِيَ بالحق وَخَسِرَ هُنَالِكَ المبطلون﴾ [غافر: ٧٨]. فقد قال في النحل: ﴿أتى أَمْرُ الله﴾، وقال في غافر: ﴿جَآءَ أَمْرُ الله﴾، وبأدنى نظر يتضح الفرق بين التعبيرين، فإن المجيء الثاني، أَشَقُّ وأصعبُ لما فيه من قضاءٍ وخسران، في حين لم يزد في الآية الأولى على الإتيان. فاختار لما هو أصعب وأشق (جاء) ولما هو أيسر (أتى).
ونحو ذلك قوله تعالى: ﴿حتى إِذَا استيأس الرسل وظنوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القوم المجرمين﴾ [يوسف: ١١٠]. وقوله: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ على مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حتى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ المرسلين﴾ [الانعام: ٣٤].
فقال في آية


الصفحة التالية
Icon