أما عن تفسير الحديث فإن الأحرف السبعة ما هي إلا لهجات أقرّها رسول الله - ﷺ - وأن لفظ (سبعة) لا يشير إلي العدد ذاته، إنما هو دلالة على الكثرة والكمال؛ يقول الرافعي: "المراد بالأحرف السبعة اللغات، تختلف بها لهجات العرب، ولفظ (سبعة) ما هو إلا رمز إلي ما ألفوه من معني الكمال"(١).
هذا وقد توسع د. أنيس في معني التيسير الذي يهدف إليه الحديث، إذ يرى أن الأحرف السبعة ليست مقصورة علي اللهجات العربية، بل تتسع فتشمل جميع لهجات المسلمين في بقاع الأرض(٢)، وهذا رأي مقبول من حيث إنه يمثل نموذجا للتيسير الذي نعت به الدين الإسلامي، إلا أنه يدفعه كون القرآِن معجزة في لغته الفصحى؛ ومن ثم ينبغي النظر فيه.
من ناحية أخري فإن ثمة من رفض وجود أدني صلة بين الأحرف والقراءات، ومن أولئك د. طه حسين؛ إذ يقول: "وليست هذه القراءات بالأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن، إنما هي شئ وهذه الأحرف شئ آخر.. والحق أن ليست القراءات السبع من الوحي في قليل ولا كثير، إنما هي قراءات مصدرها اللهجات واختلافها"(٣)، ولعل طه حسين في رأيه هذا متأثر بابن جرير الطبري؛ حيث ذكر أن "اختلاف القراء فيما اختلفوا فيه من رفع حرف ونصبه وجره وتسكين حرف وتحريكه ونقل حرف إلي آخر مع اتفاق الصورة عن الحديث بمعزل"(٤).

(١) انظر: تاريخ آداب العرب ١/١١٦.
(٢) انظر : في اللهجات العربية ٥٧.
(٣) انظر: في الأدب الجاهلي ٩٥.
(٤) انظر: جامع البيان ١/٦٥، ومنجد المقرنين ٥٥.


الصفحة التالية
Icon