فالطبري يري أن كل ما يحتمله الخط من قراءات لا يدخل في نطاق الأحرف، وهذا المعني نجده عند طه حسين؛ حيث يذكر أن المقصود بالأحرف السبعة سبع لغات مختلفة في الكلمة؛ في لفظها ومادتها مثل: قراءة ابن مسعود (زقية) بدلا من (صيحة)، أما هذه القراءات التي تختلف في القصر والمد وفي الحركة والسكون وفي النقل والإثبات وفي حركات الإعراب فليست من الأحرف في شئ؛ لأنها اختلاف في الصورة والشكل لا في المادة واللفظ، وقد اتفق المسلمون على أن القرآن أنزل على سبعة أحرف؛ أي على سبع لغات مختلفة في ألفاظها ومادتها(١).
ويبدو أن د. طه حسين لم يستقر على رأيه هذا عادلا عنه؛ حيث ذكر في موضع آخر أن المسلمين قد قرأوا بالأحرف السبعة حتى جمع عثمان المصحف وأحرق ما عداه من الصُحُف، وبالتالي محيت أحرف ستة، وبقى حرف واحد، هو الذي اختلفت فيه لهجات القراء(٢).
فالصلة بين القراءات والأحرف في رأي طه حسين أن القراءات حرف واحد من الأحرف السبعة، وعلى شاكلة طه حسين يقول أحد المعاصرين: "إن القراءات إنما هي حرف واحد من الأحرف"(٣)، وهذا رأي يلقى قبولا لدى الباحث، بيد أنه يصعب التدليل على كون القراءات حرفا واحدا من الأحرف السبعة، وإنما هي بعض منها يصعب تحديده، وهذا رأي معظم العلماء(٤).

(١) انظر: في الأدب الجاهلي ٩٥ ولم يجد الباحث نصا تراثيا يشير إلي ما ذكره طه حسين من اتفاق المسلمين على أن الأحرف السبعة سبع لغات مختلفة في اللفظ والمادة. ويبدو أن د. طه حسين اعتمد على السيوطى في الإتقان، إذ أورد تفسيرات كثيرة للحديث، منها هذا التفسير (سبع لغات مختلفة) بيد أنه لم يشر إلى اتفاق المسلمين على ذلك، وإلا فلا حاجة لذكر التفسيرات الأخرى!.
(٢) انظر: في الأدب الجاهلي ٩٦
(٣) انظر: القرآن المعجزة الخالدة ٢٩
(٤) انظر: الفتاوى ١٣/٣٩٠. ومنجد المقرنين ٢٧ و ٥٦


الصفحة التالية
Icon