كذلك من الأفعال التي جاءت في قراءة حفص مسندة للمفعول :
ـ يوصي : في (من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار)(١)النساء ١٢.
ـ أحل : في (وأحل لكم ما وراء ذلكم)(٢)النساء ٢٤.
ـ يضل : في (إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا)(٣)التوبة ٣٧.
وبعد عرض هذه النماذج تبين أن قراءة حفص قد حافظت على استعمال صيغتي المجرد والمزيد، وكلتاهما سمة اتسمت بها لغة الحجاز، وكلتاهما لها أثرها في دلالة التركيب كما اتضح لنا من خلال تحليل النماذج.
آثرت الصيغة المتعدية وهذا يعنى أن التركيب لا تتم دلالته إلا بنصب مفعول؛ حيث توجب هذه الصيغة وجود مفعول في الجملة، أما الصيغة الأخرى فتكتفي بفاعلها وبه تتم دلالة التركيب، والصيغة المتعدية صيغة خفيفة، اتسمت بها لغة الحجاز، ولعل إيثار هذه الصيغة يعد مظهرا من مظاهر التطور اللغوي نحو التخفيف جمعت بين الإسناد للفاعل والإسناد للمفعول، ويمكن القول بأن الإسناد للفاعل يفيد التخصيص والتحديد؛ حيث يتضح الفاعل في حين أن الإسناد للمفعول غالبا ما تكون دلالته التعميم والإبهام، ولكل دلالة بلاغية، تتضح من خلال السياق.
بنية الفعل والزمن النحوي :
ينصب اهتمام الباحث في درس هذه الظاهرة على أثر اختلاف ضبط البنية على الزمن النحوي للفعل، وربما تضطره القراءات أن يعرض لزمن الماضي وزمن المستقبل (الأمر) فحسب، حيث أن الأفعال التي تنوعت قراءتها ـ على حد علم الباحث ـ ما بين الماضي والأمر، ولا شك أن لذلك أثرا على التركيب، ويعرض الباحث عدة نماذج لتبيان هذا الأثر.
١ـ زمن الماضي :
(٢) السبعة ٢٣٠، والإتحاف ١/٥٠٨
(٣) الكشف ١/٥٠٢، والنشر ٢/٢٧٩، والإتحاف ٢/٩١