أضف إلى هذا أن الباحث قد لحظ أثناء قراءته في بعض التفاسير والمعاني أن ثمة تفاسير لم تشر إلى قراءة حفص عن عاصم، وربما نسبت إليه قراءات لم تثبت عنه؛ الأمر الذي ساعد الباحث على دراسة هذه القراءة.
من ناحية أخرى فإن المستشرقين اعتماداً على بعض أهل العربية المتقدمين حاولوا جهد طاقتهم أن يشطروا الجزيرة العربية إلى كتلتين: غربية وشرقية، جاعلين لكل منهما سمات خاصة بها لا توجد في الأخرى بهدف تفتيت وحدة العرب؛ لأن الاجتماع والاتحاد على اللغة أساس أولىّ من أسس الوحدة للجماعة ـ وما كيد الكافرين إلا في ضلال ـ حيث تصدى بعض المعاصرين لدراسة هذا الموضوع(١)لدحض حججهم الواهية، وقد تم لهم ذلك، فراع خيال الباحث أن تكون قراءة حفص دليلاً ساطعاً يدحض ما رام إليه المستشرقون، مؤكداً ما أثبته العلماء في الرد عليهم، ومن ثم عزم على دراستها هذه الدراسة.
كذلك هال الباحث مزاعم المستشرقين أن القراءات مردها الرسم العثماني فحسب ـ إذ كان خلوا من النقط والشكل ـ وليست من التشريع في شئ، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، فقد قام العلماء(٢)بالرد لدحض آرائهم السامة التي تهدف لضرب السنة النبوية بوصفها مصدراً ثانياً من مصادر التشريع، فلعل في قراءة حفص عن عاصم ما يدحض تلك الآراء، فكان ذلك حافزاً قوياً لتناول هذه الدراسة بالبحث اللغوي؛ حيث مهد الباحث لدراسته بهذا المبحث الشائك.
(٢) منهم د. عبدالحليم النجار في تعليقاته على كتاب جولد زيهر (مذاهب التفسير)، والشيخ عبد الفتاح القاضي في دراسته (القراءات في نظر المستشرقين).