ـ بكيا: في قوله تعالى: "خروا سجدا وبكيا" مريم ٥٨ ؛حث قرئ بضم الياء وبكسرها، والضم قراءة حفص(١)، وهو الأصل(٢)، أما الكسر فقد جاء انسجاما، تماثلا رجعيا.
ـ بيوت : البقرة ١٨٩ والمائدة ١٠٩ وما على وزنها في كل القرآن من صيغة (فعول) مثل: (جيوب) النور ٣١ و(عيون) و(شيوخا) غافر ٦٧ وغيرها.. حيث قرئت هذه الكلمات بضم الفاء وبكسرها، والضم قراءة حفص(٣)، وهو الأصل(٤)، بل قال الزجاج : وأكثر النحاة لا يعرفون الكسر وهو ردئ عند البصريين؛ لأنه ليس في كلام العرب "فعول" بكسر الفاء(٥). والباحث لا يؤيد رأي البصريين في وصفهم لغة الكسر بالرداءة؛ لأنه لغة فصيحة أكد القرآن على فصاحتها؛ والقراءة سنة متبعة.
وبعد.. فقد تبيّن للباحث بعد هذا العرض أن الانسجام الصوتى لغة ثانية عرفتها القبائل العربية واستعملتها بهدف التخفيف، ولم تستأثر به قبيلة دون أخرى، ومن ثم يخالف الباحث من ذهب إلى أن الانسجام سمة من سمات لغة القبائل البدوية فحسب؛ لأن قراءة حفص قد حفظت لنا هذه اللغة في مواضع غير قليلة، وهي قراءة حجازية، فهذا يؤكد أن لغة الحجاز قبائل غرب الجزيرة اتسمت بهذه السمة، وقد اكتسبتها من لغة البدو شرق الجزيرة وبخاصة تميم. وهذا يؤكد لنا من ناحية أخرى أن القرآن لم ينزل بلهجة قريش الخاصة، وإنما بلغة أدبية راقية، احتضنتها قريش بعد اكتسابها بعض سماتها من القبائل الأخرى، من هذه السمات الانسجام الصوتى.
الفتح والإمالة :
(٢) انظر: المنصف ٢/١٢٣
(٣) انظر: السبعة ١٧٨ والعنوان ٧٢ والكشف ١/٢٨٤ والنشر ٢/٢٢٦ والإتحاف ١/٤٣٢
(٤) انظر: حجة ابن خالويه ٩٣ والكشف ١/٢٨٤ والبحر ٢/٦٤ والكنز ٢٨٦ والمهذب ١/٨٥
(٥) انظر: إبراز المعاني ٣٥٧