اختلف العلماء القدماء والمعاصرون في أي من الفتح والإمالة أصل، فبينما ذهب معظم القدماء إلى أن الفتح أصل، والإمالة فرع ؛ واستدلوا على ذلك بأنه يجوز تفخيم كل ممال، ولا يجوز إمالة كل مفخم، إضافة إلى أن الإمالة مظهر من مظاهر التخفيف ؛ لأن اللسان يرتفع بالفتح وينحدر بالإمالة، والإنحدار أخف من الارتفاع(١)، ذهب بعض المعاصرين إلى أن الإمالة أصل والفتح فرع ؛ لجأت إليه قبائل غرب الجزيرة ؛ بهدف الاقتصاد في المجهود العضلي والتسهيل(٢).
ويؤخذ من كلام القدماء أن الكسر أخف من الفتح ؛ حيث إن الإمالة أخف وربما كان هذا الرأي يحتاج إلى النظر ؛ لأن الفتح ـ كما هو معلوم لدي العلماء ـ أخف الحركات، ومن ثم لا يسلم الباحث برأي القدماء هذا، كما أنه لم يطمئن إلى الرأي الآخر الذي مؤداه أن الإمالة أصل والفتح تخفيف ؛ لأن الفتح هو اللغة المشهورة، وهو لغة قريش، وبه قراءة أهل الحرمين و حفص باستثناء كلامات معدودة.
ومن ثم يري الباحث أن كلا منهما أصل في موطنه، سهل على لسان ناطقه، ولو أن الأمر مجرد تخفيف ؛ للجأوا جميعا إلى التخفيف أيا كان هو، ولعل هذا ما جعل الباحث يطمئن إلى رأي د. عبد الفتاح شلبى بأصالة الفتح في بعض الحالات وأصالة الإمالة في حالات أخرى(٣).
ـ موقف قراءة حفص من هذه الظاهرة :
(٢) من أولئك المعاصرين د. أنيس، انظر في اللهجات العربية ٦٦
(٣) انظر : الإمالة في اللهجات والقراءات ٦٥.