هذا.. وقد حفظت لنا قراءة حفص نماذج قليلة ـ تحصي عددا ـ من هذه اللغة، نشير منها إلى :
ـ ننسها : في: (ما ننسخ من آيه أو ننسها نأت بخير منها) البقرة ١٠٦، إذ قرئ (ننسها) و(ننساها) بالهمز، والأولى قراءة حفص(١)، وترك الهمز له أثر صرفي دلالي؛ فبينما كانت الكلمة المهموزة من (أنسأ) بمعني التأخير صارت الكلمة الثانية من (أنسي) بمعني النسيان، وترك الهمز هنا أقوى، يؤكد هذا قوله تعالى: (سنقرئك فلا تنسي)(٢).
ـ أرجه : في قوله تعالى (أرجه وأخاه) الأعراف ١١١ حيث قرئ (أرجئه) بالهمز، ومن غير همز (أرجه) وهي قراءة حفص، والأولى من (أرجأ) والثانية من (أرجى)، وهما لغتان في التأخير(٣).
ـ هزوا وكفوا: في سورتي البقرة ٦٧ والإخلاص ٤، كل القراء قرأوها بالهمز إلا حفصا فقد قرأ بالتسهيل(٤)، ولعل هذا ما دفع أبا شامة إلى القول: "إن من شأن حفص تحقيق الهمز أبدا، وإنما وقع له الإبدال في (هزوا وكفوا)؛ جمعا بين اللغات؛ لأن من عادته مخالفة أصله"(٥).
وربما جاء التسهيل هنا نتيجة ضم الحرف الثاني، والضم هو الأصل، والإسكان تخفيفا، والضم يوجب قلب الهمزة حرفا من جنس الحركة، ولعل حديثا للمهدي يؤكد هذا الرأي؛ إذ يقول: "من أبدل الهمزة واوا، فعلى مراعاة الأصل الذي هو الضم؛ لأن الهمزة إذا انفتحت وانضم ما قبلها أبدلت واوا"(٦).

(١) انظر : السبعة ١٦٨. والعنوان ٧١، النشر ٢/٢٢٠، والإتحاف ١/٤١١
(٢) انظر : الكشف ١/٢٥٨، وإبراز المعاني ٣٣٧، وكنز المعاني ٢٧٢.
(٣) انظر : الكشف ١/٤٧٠، والإتحاف ٢/٥٦.
(٤) انظر : إبراز المعاني ٣٣٠، والكنز ٢٦٥، والإتحاف ١/٣٩٧.
(٥) انظر : إبراز المعاني ٣٣١
(٦) انظر: مختصر أصول القراءات ورقة ١٢


الصفحة التالية
Icon