وبعد هذا العرض لهذه الظاهرة تبين للباحث أن الهمز يمثل اللغة الأولى وهو الأصل، وأن التسهيل لغة ثانية، ويعد مظهرا من مظاهر التطور اللغوي نحو التخفيف وهو سمة وسمت بها لغة القبائل الحجازية وفي مقدمتها لغة قريش، وقد جاءت قراءة حفص بلغة التحقيق إلا قليلا بلغة التسهيل، وهذه النتيجة يترتب عليها أمران:
ـ أحدهما : سيطرة اللغة البدوية على قراءة حفص بالنسبة لهذه الظاهرة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى شيوع الهمز في اللغة الحجازية، ويؤخذ من هذا أن اللغة الحجازية قد استعملت التسهيل فيما بين أهلها واستعملت الهمز لمخاطبة سائر العرب، وربما يدفع هذا الأمر إلى القول بأن لغة قريش هي اللغة الأدبية المشتركة التي يتخاطب بها مختلف قبائل العرب.
ـ والآخر: أن ثمة تداخلا وتوافقا بين كتلتي الجزيرة العربية ؛ مما يدحض آراء المستشرقين الخاصة بتقسيم الجزيرة العربية إلى كتلتين : غربية وشرقية.
ياءات الزوائد حذفا وإثباتا :
مقصودنا بالياء الزائدة تلك الياء التي تنتهي بها الكلمة، وهذه الياء محذوفة من الرسم العثماني، وعلى الرغم من ذلك فقد اختلف فيها القراء حذفا وإثباتا(١)، ولعل في ذلك دليلا على أن الرسم لم يكن سببا في تعدد القراءات.