والقرآن دوما حريص على إحداث نوع من الانسجام الموسيقى بين الآيات وفواصلها وربما كانت هذه الموسيقى أحد أسباب الأمر الإلهي: "إذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا"، وحفظا على الانسجام الصوتي والتوافق الموسيقى بين الآيات وفواصلها قد يضيف القرآن حرفا أو يحذف حرفا مخالفا بذلك القاعدة النحوية، فمما حذف منه حرف الفعل "يسر" الفجر٤ ومما أضيف إليه حرف: كلمات "الظنونا، الرسولا، السبيلا" الفرقان ١٠، ٦٦، ٦٧.
فحذف الياء من " يسر " من غير جزم، وإضافة ألف للكلمات الثلاث الأخرى من غير علة نحوية مخالف للقاعدة التي توجب أن ينتهي الفعل "يسر" بالياء، وتنتهي الكلمات الثلاث الآخرى بإسكان الحرف الأخير في الوقف. وإنما حدث هذا لتنسجم هذه فواصل الكلمات الثلاث مع فواصل الآيات الأخرى قبلها وبعدها.
ولعل سيبويه قد لحظ هذا الملحظ؛ إذ يقول: "وأما الأفعال فلا يحذف منها شي لأنها لا تذهب في الوصل في حال، وجميع ما لا يحذف في الكلام وما يختار فيه ألا يحذف يحذف في الفواصل والقوافي، فالفواصل في قوله تعالى: (والليل إذا يسر)، (ما كنا نبغ)، (يوم التناد)، (الكبير المتعال)، والإثبات أقيس والحذف كثير جائز"(١). وهذه العبارة من سيبويه تفيد أن الإثبات أجود وأحسن استعمالا، والحذف على الجواز.