يتوقف الباحث فحسب عند الفعل " مات " حال اتصاله بتاء الفاعل كما في قوله تعالى: "ولئن متم أو قتلتم لإلي الله تحشرون" آل عمران ١٥٨ و"ياليتنى مت قبل هذا" مريم ٢٣ فقد قرى هذا الفعل بكسر الميم وبضمها، وقد حفظت قراءة حفص القراءتين، حيث جاء "متم" بالضم و "مت" بالكسر(١).
وفي تحليل القراءتين ذكر المحللون أن الضم من "مات يموت"، وهذا يعني أن الضم يدل على أن المحذوف (واو) وهو مثل "قلت تقول" والضم أشهر وأفصح وأفشي في الاستعمال، وهو لغة سفلي مضر، أما الكسر فمن "مات يمات" مثل "خاف يخاف" والكسر لا يدل على نوع المحذوف، وإن دل فإنما يدل على أن أصله كسر مثل "كلت تكيل وبعت تبيع"، ومن ثم فهو قليل في القياس، وهو لغة الحجاز(٢).
ويمكن تفسير الظاهرة على أساس تداخل اللغات(٣)، يقول ابن جني: "مت (بالكسر) تموت من فعل (بالكسر) تفعل (بالضم)، وهذه لغات تداخلت فتركبت"(٤).
(٢) انظر : حجة أبي على ٢/٣٩٤ وحجة أبن خالويه ١١٥ والكشف ١/٣٦١ والجامع ٢/١٤٨٩ والبحر ٣/٩٦ وإبراز المعاني ٤٠٠ والكنز ٣٢٤
(٣) ظاهرة (تداخل اللغات) ظاهرة شاعة في اللهجات العربية، وهي تعنى أن يرد فعل من بابين تبعا لتلفظ قبيلتين به، ثم تعرف إحداهما لغة الأخرى فتستعمله استعمالها ثم أنشئ من البابين باب ثالث يضم الماضي من إحدى اللغتين والمضارع من الأخرى، يقول السيوطى: تلاقي أصحاب اللغتين، فسمع هذا لغة هذا، وهذا لغة هذا، فأخذ كل واحد من صاحبه ما ضمه إلى لغته؛ فتركبت لغة ثالثة" انظر: الاقتراح ٦٩
(٤) الخصائص ١/٣٧٤