والفتح والكسر لغتان، والفتح هو الأصل، حيث يوجبه بناء ماضيه؛ لأن فعل ـ بكسر العين ـ مضارعه بفتح العين، كـ "علم بعلم"، ومن ثم هو الأقبس، وهو لغة تميم(١)، بل ذكروا أن الكسر شاذ(٢)، قال ابن يعيش: "وما كان من فعل ـ بكسر العين ـ فإن كان متعديا، فالمضارع منه على وزن يفعل بفتح العين، وشذ عن ذلك أربعة أفعال "يحسب، ينعم، ييئس، ييبس" فإنها بالكسر(٣)، وهذه الأفعال استعمل فيها الفتح والكسر ـ القياس والشذوذ ـ حتي صار الكسر فيها أفصح، والكسر لغة الحجاز(٤).
ويرى الباحث أن لهجة الحجاز قد استعملت اللغتين ؛ لأن الفتح قراءة حفص، وهي حجازية ـ والكسر لهجتها الخاصة؛ مما يؤكد أن ثمة تداخلا وتوافقا بين شطري الجزيرة العربية.
ـ يقسط : الحجر ٥٦، إذ قرئ بفتح النون وبكسرها، والفتح قراءة حفص(٥)، يقول د. أنيس: "صيغتا فعل ـ بالفتح ـ وفعل ـ بالكسر ـ هما أكثر الصيغ الماضية شيوعا في القرآن، فصيغة (فعل) بالفتح ورد عليها حوالي مائة وسبعة أفعال من الأفعال الصحيحة في مقابل أربعة وعشرين فعلا من صيغة (فعل) بالكسر، والقاعدة التي خضعت لها القراءة المشهورة في اشتقاق المضارع من هذه الأفعال هي المغايرة، فصيغة (فعل) بالفتح يقابلها (يفعل) بالكسر أو بالضم، أما صيغة (فعل) بالكسر فيقابلها (يفعل) بالفتح"(٦).

(١) حجة ابن خالويه ١٠٣ والكشف ١/٣١٧ والجامع ٢/١١٤٩ والبحر ٢/٣٢٨ والإتحاف ١/٤٥٧
(٢) انظر: حجة أبي على ٢/٣٠١.
(٣) شرح المفصل ٧/١٥٢.
(٤) الكشف ١/٣١٧، والبحر ٢/٣٢٨، والإتحاف ١/٤٥٧.
(٥) انظر: السبعة ٣٦٧، والعنوان ١١٦، والنشر ٢/٣٠٢، والإتحاف ٢/١٧٧.
(٦) انظر: من أسرار اللغة ٥١


الصفحة التالية
Icon