أما الأفعال التي وردت في القرآن مفتوحة العين في الماضي والمضارع فلامُها أو عينُها من أحرف الحلق التي تؤثر الفتحة على غيرها من الحركات، وقد اطردت هذه القاعدة في الأفعال القرآنية فيما عدا : نكح، نزع، رجع، بلغ، قعد، زعم، ونفخ(١).
يخلص الباحث من هذا إلى أن القاعدة العامة هي المغايرة إلا إذا كان الفعل عينه أو لامه من أحرف الحلق، فالقاعدة هنا المماثلة، وشذ عن هذه القاعدة الخاصة الأفعال السابقة حيث خضعت للقاعدة العامة وهي المغايرة. ويماثل هذه الأفعال من حيث الشذوذ الفعل (قنط يقنط) بالفتح في الماضي والمضارع، إذ آثر المماثلة والأصل فيه المغايرة، وهذا الشذوذ استوقف اللغويين، ومن ثم أخذ من تحليلاتهم نصيبا موفورا، منها: أن المضارع المفتوح العين ماضيه مكسور العين كـ(علم يعلم) والمضارع المكسور العين ماضيه مفتوح العين كـ(ضرب يضرب) فكلاهما خاضع لقاعدة المغايرة، وقد أجمع القراء على الفتح في قوله تعالى: (من بعد قنطوا) الشورى ٢٨، فهذا يؤكد أن الأصل فتح عين الماضي وكسر عين المضارع، ولعل هذا مما دفع ابن خالويه أن يرجح الكسر في المضارع(٢)وهو لغة الحجاز وأسد(٣).
أما ابن جني فقد كان بارعا في تعليله لفتح العين في الماضي والمضارع ؛ حيث ذكر أنه لغة ثالثة نتجت من تركب لغتين : قنط (بالفتح) يقنط (بالكسر) وقنط (بالكسر) يقنط (بالفتح)(٤).

(١) انظر: المرجع السابق ٥٢
(٢) انظر: حجة ابن خالويه ٢٠٧
(٣) الإتحاف ١/٤٥٧ ونلحظ هنا توافقا بين شطري الجزيرة العربية، الشطر الشرقي متمثل في أسد والشطر الغربي متمثل في الحجاز؛ مما يدفع تقسم المستشرقين الجزيرة العربية إلى كتلتين منفصلتين ؛ لكل منهما سمات تتميز بها من الأخرى.
(٤) انظر : الخصائص ١/٣٧٨.


الصفحة التالية
Icon