وهذه اللغة قصيحة تضارب في فصاحتها اللغتين اللتين تركبت منهما، وحفظتها قراءة حفص في أكثر من موضع، من ذلك: (مت ومتم ويحسب). ولأفصحية هذه اللغة رجحها مكي في كشفه(١).
وكون العماء ينسبون الكسر للحجاز وأسد، يفيدنا أن الفتح لغة تميم وقيس، وكون قراءة حفص تحفظ لنا لغة الفتح وهي حجازية اللغة يؤكد أن هذه اللغة مستعملة في البيئة الحجازية، وهذا يعني أن قبائل غرب الجزيرة قد عرفت اللغتين وكذلك قبائل شرق الجزيرة ووسطها ؛ مما يعارض تقسيم المستشرقين للجزيرة العربية إلى كتلتين غربية وشرقية.
٢ـ كسرا :
من الأفعال التي تنوعت قراءتها، وقد جاءت مكسورة في قراءة حفص: (يعرِشون ويعكفون) الأعراف ١٣٧، ١٣٨، حيث قرئا بالكسر والضم، والكسر قراءة حفص(٢).
وفي تحليلهما ذكر العلماء أنهما لغتان ؛ لأن كل ما انفتحت عين ماضيه، جاز كسرها وضمها في المضارع قياسا إلا أن يمنع السماع من ذلك(٣)، والضم لغة تميم(٤)، والكسر لا شك أنه أيسر نطقا من الضم وأرق استعمالا ؛ الأمر الذي جعل الباحث يرجح أن الكسر لغة الحجاز؛ حيث يتناسب ذلك وتحضر القبائل الحجازية، ويزيد الترجيح تأكيدا أن الكسر قراءة حفص وهي قراءة حجازية، والكسر أفصح اللغتين(٥)، ولعل ذلك راجع إلى كثرة استعمال صيغة الكسر؛ لأن الضم غالبا ما يأتي في الصيغ المضمومة عين ماضيها، يقول ابن خالويه: "وما كانت عين ماضيه مضمومة لزمت الضمة عين مضارعه إلا الشاذ"(٦).

(١) انظر : الكشف ٢/٣١.
(٢) السبعة ٢٩٢ والعنوان ٩٧، والنشر ٢/٢٧١، والإتحاف ٢/٤٥٨
(٣) انظر : حجة ابن خالويه ١٦٢
(٤) انظر : الجامع ٣/٢٣٨
(٥) جامع البيان ١٣/٧٩، الكشف ١/٤٧٥، والإتحاف ٢/٤٥٨
(٦) حجة ابن خالويه ١٦٢.


الصفحة التالية
Icon