من خلال هذه النماذج تبين أن قراءة حفص قد آثرت الصيغة المزيدة، وفي التحليل ذكر المحللون أن (سرى وأسرى) لغتان بمعنى واحد(١)، وكذلك: (سقى وأسقى)(٢)
وكذا :(دبر وأدبر) لغتان بمعنى واحد(٣).
وحاول المتقدمون أن يصيغوا قانونا عاما لهذه الظاهرة؛ فنسبوا المزيد لتميم والمجرد للحجاز؛ فقالوا: (سحت) لغة الحجاز و(أسحت) لغة تميم(٤)، و(سقى) لغة قريش و(أسقى) لغة حمير(٥).
وللباحث ملحظ على ما سبق يخلص في أن قراءة حفص حجازية وقد آثرت الصيغة المزيدة؛ مما يؤكد شيوع الصيغ المزيدة في لغة الحجاز، ومن ثم يخالف الباحث د. علم الدين في تعليله لإيثار حفص الصيغة المزيدة أنه من البيئة الكوفية، تلك البيئة التي تأثرت بقبائل شرق الجزيرة(٦)، فهذا الرأي مؤداه أن القارئ قد تأثر في قراءته بالبيئة اللغوية التي نشأ فيها، وهذا رأي ربما يكون بعيدا ـ في نظر الباحث ـ لأن القارئ اعتمد في قراءته على السماع والمشافهة فحسب.
بل ويخالف الباحث القانون الذي نسب الصيغة المزيدة لتميم والصيغة المجردة للحجاز، إذ نجد صيغا المجرد منها لقبائل شرق الجزيرة والمزيد لقبائل غرب الجزيرة منها: (نسقيكم ويسحتكم وأدبر)؛ حيث قرأها أبو بكر عن عاصم مجردة، وقراءته عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، أى قراءته تتسم بالسمات اللغوية البدوية، وقرأها حفص مزيدة، وقراءته حجازية؛ ومن ثم يمكن القول بأن لغة الحجاز ولغة تميم كلتاهما استعملت الصيغتين.
(٢) حجة ابن خالويه ٢١٢، والكشف ٢/٣٨، والبحر ٥/٤٥١، والأفعال ٧٠
(٣) حجة ابن خالويه ٢٤٢، والكشف ٢/٩٨، والأفعال ٦٨
(٤) انظر: الجامع ٥/٤٢٥٤
(٥) انظر: المرجع السابق ٥/٣٧٣٩
(٦) انظر: دراسة في صيغتي : فعل وأفعل ١٦٠