هذا.. ولم يذكر العلماء فرقا دلاليا بين الصيغتين، والباحث يرى أن الصيغة المزيدة أكثر تأكيدا؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ولعل حديثا لابن درستويه يؤكد ما يراه الباحث، يقول: "لا يكون فعل و أفعل بمعنى واحد، كما لا يكونان على بناء واحد إلا أن يجئ ذلك في لغتين مختلفتين، فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد"(١).
فهذا النص يؤكد أن البيئة اللغوية الواحدة لا تستعمل صيغتين بمعنى واحد، فإذا وردتا فيها، فلابد من فرق دلالي بينهما، ولعل سيبويه قد لمس ذلك الفرق بين (سقى وأسقى)؛ إذ يقول: "سقيته فشرب، وأسقيته جعلت له ماء وسقيا، فسقيته مثل كسوته، وأسقيته مثل ألبسته"(٢)، وقس على هذا سائر الصيغ.
اسم الفعل بنيته ودلالته :
يقف الباحث إزاء هذه الظاهرة عند نموذجين تنوعت قراءتهما، ويدرسهما من خلال قراءة حفص :
ـ هيت : يوسف٢٣، قرئ بفتح الهاء والتاء، وبكسر الهاء وفتح التاء، وبكسر الهاء والتاء مع همز الياء، وبفتح الهاء وضم التاء، والأولى قراءة حفص(٣).
وكل القراءات لغات في اسم الفعل، والأصل فيه البناء على السكون، وحرك لالتقاء ساكنين، وكانت الحركة فتحة لخفتها، يقول ابن يعيش: "فمن فتح فطلبا للخفة؛ لثقل الكسرة بعد الياء، كما قالوا: أين وكيف"(٤)، وقيل: الفتح دلالة الخطاب، والضم دلالة الإخبار عن النفس(٥).
(٢) انظر: الكتاب ٢/٢٣٥
(٣) السبعة ٣٤٧، والنشر ٢/٢٩٣، والإتحاف ٢/١٤٣.
(٤) شرح المفصل ٤/٣٢.
(٥) انظر: الكشف ٢/٨