وانتهى الباحث إلى أن التشديد سمة من السمات التي كانت عليها العربية في مراحلها المتقدمة، داومت بعض القبائل على استعماله، وأخرى عدلت عنه ميلاً نحو التخفيف، وربما كان معظمها من تلك القبائل التي غدت على درجة من الرقي والتحضر؛ ليتواءم ذلك وتحضرهم، والقبائل المتحضرة تلك متثلة في القبائل الحجازية.
وقد احتفظت لنا قراءة حفص بنماذج كثيرة للظاهرتين اللتين تمثلان مستويين لغويين من مستويات العربية، وإن كانت السيطرة للغة الحجاز، غير أن فيها ظواهر كثيرة نعتت بها لغة تميم، وهذا يدل على أن لهجة تميم لها مكانتها إبان نزول الوحي؛ حتى إن القرآن سجل لها تلك السمات اللهجية، وهذا يومي إلى غاية سياسية قصد إليها، وهي توحيد العرب، وكأني بالقرآن صفحة لغوية تجد فيها كل قبيلة ظلا من لغتها الخاصة، فتأنس به وتستريح إليه.
من ناحية أخرى فإن الباحث قد قرر فيما سلف أن قراءة حفص حجازية، ومن ثم فإن كل الظواهر التي احتضنتها هذه القراءة ظواهر استخدمتها لغة الحجاز- سواء أقل استخدامها أم كثر.
ومن خلال العرض الموجز لمبحث المجرد والمزيد تبين للباحث أن قراءة حفص زاوجت في الاستعمال بين الصيغ المجردة والصيغ المزيدة، فبينما آثرت الصيغة المزيدة في بعض الصيغ آثرت الصيغة المجردة في صيغ أخرى، بل استعملت الصيغتين في الفعل الواحد في موضعين مختلفين، مثل (أسرى وسرى، أسقى وسقى)، وهذا يشير إلى أن الصيغتين شاعتا في البيئة اللغوية الحجازية، مما يضعف الرؤية التي نسبت المزيد لتميم والمجرد للحجاز.
الفصل الثالث
الاسم دراسة في البنية والدلالة
يشمل هذا الفصل :
الضبط والأثر الدلالي
التشديد والتخفيف
التذكير والتأنيث
الإفراد والجمع
الممنوع من الصرف
المصادر والمشتقات
الضبط الحركي والأثر الدلالي :


الصفحة التالية
Icon