في هذا المبحث نتناول أكثر من ظاهرة صرفية تتعلق باختلاف حركة فاء وعين الكلمة في القراءات القرآنية، ومعرفة مرجعية هذا الاختلاف، ومدى أثر ذلك على المعنى، وبالتالي على تفسير الآية.
أولا : تناوب أصوات المد القصيرة في فاء الكلمة :
آثر الباحث أن يطلق على اختلاف الحركات وتنوعها في فاء الكلمة ظاهرة (تناوب أصوات المد في فاء الكلمة) ليتواءم ذلك والدرس الحديث، وهذه الظاهرة واضحة وضوحا بارزا في اللغة العربية الموحدة، ولعل ذلك راجع إلى أن هذه الأصوات نشأت من جراء دخول مستويات اللهجات العربية القديمة في العربية الموحدة التي نزل بها القرآن.
ويرى أحد الباحثين أن هذا التناوب راجع إلى وجود قرابة بين الأصوات الثلاثة ـ الفتحة والكسرة والضمة ـ من الناحية الصوتية من حيث تقارب عدد الذبذبات بين هذه الأصوات تقاربا شديدا مما قد يجعل وقعها على أذن السامع واحدا في بعض الظروف، هذا إلى جانب عدم استقرارها وقدرتها على التغير، فكان أن اختلفت اللغات السامية واللهجات العربية في تردد هذه الأصوات فيما بينها فما كان بالضم في لغة قد يكون بالكسر أو بالفتح في لغة أخرى(١). وهذا مقبول لما بين الحركات من قرابة صوتية.
ويقدم "برجشتراسر" تفسيرا لتناوب الضمة والكسرة في الكلمة يقول: "إنه من الجائز أن يكون التناوب قد نشأ من كون اللغات السامية قد نظرت في حقبة ما إلى الضمة والكسرة على أنهما يمثلان صوتا واحدا"(٢).
وهذا تفسير يصعب التدليل عليه، وكلا التفسيرين لا يشير إلى الأثر الدلالي الذي قد يحدثه تناوب الحركات ـ أصوات المد القصيرة ـ والذي يتضح لنا من خلال عرض عدة نماذج من قراءة حفص، ونبدأ بحركة الفتحة؛ لأنها أخف الحركات ثم الكسرة ثم الضمة؛ لأنها أصعب الحركات.
١ـ حركة الفتح :

(١) في الأصوات اللغوية دراسة في أصوات المد ١٦١
(٢) التطور النحوي ٥٦


الصفحة التالية
Icon