ـ أسوة : الأحزاب ٢١ والممتحنة ٤ و٦، قرئ بضم الهمزة وبكسرها، والضم قراءة حفص(١)، والضم والكسر لغتان(٢)مثل (رشوة) ـ بالضم والكسر ـ فالضم لغة تميم وقيس، والكسر لغة الحجاز(٣). ويري الباحث أن الضم ربما كان لغة كل القبائل في مرحلة سابقة للكسر، أي اللغة الأولى وقد حفظته قراءة حفص، ثم عدلت عنه بعض القبائل إلى الكسر تخفيفا.
ـ الرجز : المدثر ٥، قرئ بضم الراء وبكسرها، والضم قراءة حفص(٤)، وهما لغتان بمعني واحد(٥)، والكسر لغة قريش(٦). وكون الكسر لغة قريش يفيد أن الضم لغة سائر القبائل الحجازية، وعليها قراءة حفص، وكذلك هو لغة قبائل شرق الجزيرة؛ مما يعارض تقسيم المستشرقين.
ومن خلال هذا العرض لظاهرة (تناوب أصوات المد القصيرة في فاء الكلمة) تبين للباحث أن لغة الحجاز قد استعملت الحركات الثلاث في الصيغ، وقد دفع هذا الباحث إلى القول بأن الضم يمثل مرحلة متقدمة للغة حينما كان العرب بنوا ثم جاء الكسر؛ ليمثل مرحلة متطورة نحو التخفيف، فهو أقل شدة وغلظة من الضم، ثم لجأت بعض القبائل، لا سيما الحجازية إلى الفتح ؛ لأنه أخف الحركات، ومن ثم فهو يمثل مرحلة متأخرة من مراحل التطور اللغوي نحو التخفيف.
كما تبين أن أكثر الحركات وضوحا بارزا في قراءة حفص حركة الفتح، ولعل هذا يرجع إلى ميل اللغة الحجازية نحو الفتح طلبا للخفة؛ حيث يتناسب ذلك وتحضرها.
وإن تناوب أصوات المد القصيرة له أثر دلالي في أحيان كثيرة، وقد يكون له أثر صرفي؛ حيث تكون الكلمة في إحدى القراءتين اسما، وتكون في القراءة الأخرى مصدرا، وقد يكون التناوب لا يعدو كونه لغات في الكلمة، ليس له أثر دلالي.
ثانيا : عين الكلمة بين التحريك والإسكان :

(١) السبعة ٥٢٠، والإتحاف ٢/٣٧٣
(٢) حجة ابن خالويه ٢٨٩
(٣) الإتحاف ٢/٣٧٣
(٤) العنوان ١٩٩، والنشر ٢/٣٩٣
(٥) الكشف ٢/٣٤٧
(٦) البحر ٨/٣٧١


الصفحة التالية
Icon