يكتفي الباحث بهذه النماذج من ظاهرة التشديد؛ إذ لم يكن لها بروز واضح في قراءة حفص قدر ما للتخفيف من ذلك، وربما يرجع هذا إلى حرص اللغة الحجازية أن تتسم بالخفة.
ثانيا : التخفيف :
من مظاهر التخفيف التي لمسها الباحث في قراءة حفص :
١ـ تخفيف بالإبدال :
وهذا المظهر نلمسه في اسم الفاعل الرباعي؛ إذ يأتي تارة بتضعيف العين من (فعّل) وأخرى بالتخفيف من (أفعل)، وهذه الأخيرة كثيرة الورود في قراءة حفص، نذكر منها:
ـ موص البقرة ١٣٢، قرئ بتخفيف الصاد وبتشديدها، والتخفيف قراءة حفص(١)، والتخفيف من أوصي، ودليله قوله تعالى: (يوصيكم الله) النساء ١١، والتشديد من (وصّي)، وهما لغتان مشهورتان للعرب(٢)، واختار مكي التخفيف لخفته(٣).
والحق أن اللغتين استعملتهما قراءة حفص، فاستعملت التخفيف هنا، والتشديد في قوله: (وصي بها إبراهيم) البقرة ١٣٢، وهذا يؤكد أن اللغة الحجازية قد جمعت بين الصيغتين، ولعل التشديد هو الأصل، ومن ثم فهو اللغة الأولى، والتخفيف اللغة الثانية.
ـ موهن : الأمثال ١٨، بتخفيف الهاء وتشديدها، والتخفيف قراءة حفص(٤)، وهو من (أوهن)، وكلاهما لغة(٥).
٢ـ تخفيف بالحذف :
ونلمسه في صيغتي: (ميت وميتة)، حيث كثر ذكرهما في القرآن، وقد سيطرت لغة التخفيف عليهما في قراءة حفص، ومواضعها(٦):
ـ ميت : الأنعام ١٢٢، الفرقان ٤٩، الزخرف ١١، الحجرات ١٢
ـ ميتة : البقرة ١٧٣، المائدة ٣، الأنعام ١٣٩، النحل ١١٥، يس ٣٣
(٢) حجة ابن خالويه ٩٣، وجامع البيان ٣/٤٠٥، والمهذب ١/٨٢
(٣) الكشف ١/٢٨٢
(٤) السبعة ٣٠٤، والعنوان ١٠٠، والكشف ١/٤٩٠، والنشر ٢/٢٧٦
(٥) حجة ابن خالويه ١١٠، وجامع البيان ١٣/٤٤٩
(٦) السبعة ٢٠٣، والنشر ٢/٢٢٤، والإتحاف ١/٤٢٧