وقد رَدَّ بعضُهم هذا الدليلَ، وقال: الهمزةُ في "اربعة" همزةُ قطعس، فهي ثابتٌ ابتداءً ودَرْجاً، فلذلك نُقِلَتْ حركتُها بخلافِ همزةِ الجلالة فإنها واجبةٌ السقوطِ فلا تستحقُّ نَقْلَ حركتها إلى ما قبلها، فليس وِزان ما نَحْن فيه.
قلتُ: وهذا من هذه الحيثيةِ صحيحٌ، والفرقُ لائحٌ؛ إلا أَنَّ حظَّ الفراء منه أنه أَجْرى فيه الوصلَ مُجْى الوقفِ من حيث بقيت الهاءُ المنقلبةُ عن التاءِ وَصْلً لا وقفاً واعتدَّ بذلك، ونَقَلَ إليه حركةَ الهمزةِ وإنْ كانَتْ همزةَ قطعٍ.
وقند اختار الزمخشري مذهبَ الفراء، وسَأَلَ وأجاباَ فقال: "ميم حقُّها أن يُوقَفَ عليها كما يُوقَفُ على ألف ولام، وأَنْ يُبتدأ ما بعدها كما تقولك واحدْ إثنان، وهي قراءةُ عاصم، وأمَّا فتحُها فهي حركةُ الهمزةِ أُلْقِيَتْ عليها حين أُسْقِطَتْ للتخفيفِ. فإنْ قلت: كيف جازَ إلقاءُ حركتِها عليها وهي همزةُ وصلٍ، لا تَثْبُتُ في دَرْندِ الكلام فلا تَثْبُتُ حركتُها لأنَّ ثباتَ حركتِها كثباتِها؟ قلت: هذا ليسَ بدَرْجٍ، لأنَّ ميم في حكمِ الوَقْف والسكونِ، والهمزةُ في حكمِ الثابتِن وإنما حُذفت تخفيفاً، وأُلْقِتَتْ حركتُها على الساكنٍ قبلَها لتدلَّ عليها، ونظيره" واحدِ اثنان" بإلقائهم حركةَ الهمزةِ على الدالِ".
(٣/٢٢٩)
---


الصفحة التالية
Icon