قال الشيخ: "وجوابُه ليس بشيءٍ لأنه ادَّعى أنَّ الميمَ حين حُرِّكتْ موقوفٌ عليها، وأن ذلك ليس بدَرْجٍ؛ بل هو وقفٌ، وهذا خلافُ اما أَجْمعت عليه العربُ والنحاةُ من أنه لا يُوقف على متحركٍ البتةَ سواءً كانت حركتُه إعرابيةً أم بنائيةً أم نقليةً أم لالتقاءِ الساكنين أم للإِتباع أم للحكايةِ، فلا يجوزُ في "قد أفلح" إذا حَذَفْتَ الهمزة ونَقَلْتَ حركتها إلى دالِ "قد" أَنْ تَقِفَ على دال "قد" بالفتحةِ، بل تُسَكنها قولاً واحداً. وأمَّا قوله: "ونظيرُ ذلك "واحدِ اثنان" بإلقاءِ حركة الهمزة على الدالِ، فإنَّ سيبويه ذكر أنهم يُشِمُّونَ آخر "واحدٍ" لتمكُّنِه، ولم يَحِكْ الكسرَ لغةً، فإنْ صَحَّ الكسرُ فليس "واحد" موقوفاً عليه كما زعم الزمخشري، ولا حركتُه حركةُ نقلٍ من همزة الوصلِ، ولكنه موصولٌ بقولِهم: اثنان، فالتقى ساكنان: داُ واحد وثاءُ اثنين فكُسِرتِ الدالُ لالتقاءِ الساكنين، وحُذِفتْ همزةُ الوصل لأنها لا تَثْبُتُ في الوصل.
قلت: ومتى ادَّعى الزمخشري أنه يُقف على ميم مِنْ: ألف ـ لام ـ ميم ـ وهي متحركةٌ، حتى يُلْزِمَه بمخالفةِ إجماعِ العربِ والنحاةِ، وإنما ادَّعى الرجلُ أن هذا في نيةِ الموقوفِ عليه قبلَ تحريكِه بحركة النقلِ، لا أنه نُقِل إليه، ثم وُقِف عليه، وهذا لم يَقُلْه البتةَ ولم يَخْطُرْ له، ثم قال الزمخشري: "فإنْ قلت: هَلاَّ زعمتَ أنها حركةٌ لالتقاء الساكنين. قلت: لأنَّ التقاءَ السااكنين لا يُبالي به في بابِ الوقف، وذلك قولك: هذا إبرايهمُ وداود وإسحاق، ولو كان التقاء الساكنين في حالِ الوقفِ بوجِبُ التحريكَ لحُرِّكَ الميمان في ألف لام ميم لالتقاء الساكنين ولَما انتُظر ساكنٌ آخرُ".
(٣/٢٣٠)
---


الصفحة التالية
Icon