قوله: ﴿لِّلنَّاسِ﴾ يُحْتمل أن يتعلَّقَ بنفسِ "هُدَى" لأنَّ هذه المادة تتعدَّى باللامِ كقولِه تعالى: ﴿يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ وأَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ لأنه صفةٌ لهدىً.
قوله: ﴿وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ يُحْتَمل أن يرادَ به جميعُ الكتاب السماوية، ولم يُجمع لأنه مصدرٌ بمعنى الفَرْق كالغفران والكفران، وهو يَحْتملُ أن يكونَ مصدراً واقعاً موقع الفاعلِ أو المفعول والأولُ أظهرُ. وقال الزمخشري: "أو كَرَّر/ ذِكْرَ القران بما هو نعتٌ له ومُدِحَ مِنْ كونِه فارقاً بين الحقِّ والباطل بعد ما ذكَره باسم الجنس تعظيماً لشأنِه وإظهاراً لفضلِه". قلت: قد يعتقد معتقدٌ أنّ في كلامِه هذا رَدَّاً لقولِه الأول حيث قال: "إن "نَزَّل" يقتضي التنجيم و"أنزل" يقتضي الإنزال الدَّفْعيَّ، لأنه جَوَّز أن يُراد بالفرقان القرآنُ، وقد جاء معه "أنزل"، ولكن لا ينبغي أَنْ يُعْتَقد ذلك لأنه لم يَقُل: إنَّ "أَنْزل" للإِنزال الدفعيَّ فقط، بل يقول إن "نَزَّل" بالتشديد يقتضي التفريق و"أَنْزل" يحتمل ذلك ويَحْتمل الإنزالَ الدفعيَّ.
قوله: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ﴾ يَحْتمل أنْ يرتفع "عذابٌ" بالفاعليةِ بالجارِّ قبلَه لوقوعه خيراً عن "إنَّ"، ويُحْتمل أن يرفتع على الابتداء، والجملةُ خبرٌ "إنَّ" والأولُ أَوْلَى، لأنه من قبيلِ الإِخبار بما يَقْرُبُ من المفردات. وانتقام: افتعال من النِّقْمة وهي السَّطْوَةُ والتسلطُ، ولذلك عَبَّر بعضُهم عنها بالمعاقبة يقال: نَقَم ونَقِمَ، بالفتح ـ وهو الأفصحُ ـ وبالكسرِ، وقد قُرىء بهما، وسيأتي مزيدٌ بيانٍ في المائدة.
* ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَآءِ ﴾
قوله تعالى: ﴿فِي الأَرْضِ﴾: يجوز أنْ يتعلَّقَ بـ"يَخْفَى" وأَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لشيء.
(٣/٢٤٢)
---