١١٦٧ـ على أنها كانَتْ تَأَوَّلُ حُبِّها * تَأَوُّلَ رِبْعِيِّ السِّقَابَ فَأَصْحَبَا
يعني أنَّ حبَّها كان صغيراً قليلاً فآل إلى العِظَم، كما يَؤُول السَّقْبُ إلى الكِبَر. ثم قد يُطْلق على العاقبةِ والمَرَدِّ، لأنَّ الأمرَ يَصِير إليهما.
والثاني: أنه مشتقٌ من: الإِيالة وهي السياسة. تقول العرب: "قد إلْنا وإيل علينا" أيك سُنْا وساسَنا غيُرنا، وكأنَّ المؤوِّلَ للكلامِ سائِسُه والقادرُ عليه وواضعُه موضعَه، نُقل ذلك عن النضر بن شميل. وفَرَّق النَاس بين التأويل والتفسير في الاصطلاح: بأن التفسيرَ مقتصَرٌ به على ما لا يُعْلم إلا بالتوقيف كأسباب النزول ومدلولاتِ الألفاظ، وليس للرأي فيه مَدْخَلٌ، والتأويل يجوز لمَنْ حَصَلَتْ عنده صفاتُ أهلِ العلم وأدواتٌ يَقْدِرُ أن يتكلَّم بها إذا رَجَع بها إلى أصولٍ وقواعدَ.
وقوله: ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾ يجوز فيه وجهان، أحدُهما: أنه مبتدأ والوقفُ على الجلالة المعظمة، وعلى هذا فالجملةُ من قوله: "يقولون" خبرُ المبتدأ. والثاني: أنهم منسوقونٌ على الجلالةِ المعظمة، فيكونون داخلين في علم التأويل. وعلى هذا فيجوز في الجملةِ القولية وجهان، أحُهما: أنها حالٌ أي: يعلمون تأويلَه حالَ كوِنهم قائلين ذلك، والثاني: أن تكون خبرَ مبتدأٍ مضمرٍ أي: هم يقولون.
والرُّسوخ: الثُبوتُ والاستقرار ثبوتاً ممكِّناً فهو أخصُّ من مطلقِ الثبات قال الشاعر:
١١٦٨ـ لقد رَسَخَتْ في القلبِ مني مودَّةٌ * لِلَيْلَى أَبَتْ آياتُها أَنْ تُغَيَّرا
و﴿آمَنَّا بِهِ﴾ في محلِّ نصب باقول، و"كل" مبتدأٌ، أي كله أو كلٌّ منه، والجارُّ بعده خبرهُ، والجملةُ نصبٌ بالقول أيضاً.
* ﴿ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾
(٣/٢٤٨)
---


الصفحة التالية
Icon