قوله تعالى: ﴿لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾: العامَّةُ على ضَمَّ حرفِ المضارعة من : أزاغ يُزيغ. "قلوبَنا" مفعول به. وقرأ أبو بكر وابن فايد والجراح "لا تَزِغ قلوبُنا" بفتح التاء ورفع "قلوبنا"، وقرأه بعضهم كذلك إلا أنه بالياء من تحت، وعلى القرائتين فالقلوب فاعلٌ بالفعل المنهيِّ عنه، والتذكير والتأنيث باعتبار تأنيثِ الجمعِ وتذكيرِه، والنهيُ في اللفظ للقلوب، وفي المعنى دعاءُ الله تعالى، أي: لا تُزِغْ قلوبَنا فَتَزيغَ، فهو من باب "لا أُرَيَنَّك هَهنا: وقولِ النابغة:
١١٦٩ـ لا أَعْرِفَنْ رَبْرَباً حوُراً مَدامِعُها *....................
قوله: ﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ "بعد" مصوبٌ بـ"لا تُزِغْ" و"إذ: هنا خَرَجَتْ عن الظرفيةِ للإِضافةِ إليها، وقد تقدَّم أنَّ تصرُّفَها قليلَ، وإذا خرجت عن الظرفية فلا يتغَّيرُ حكمُها من لزومِ إضافتها إلى الجملة بعدها كما لم يتغير غيرُها من الظروف في هذا الحكمِ، ألا ترى إلى قوله: ﴿هَاذَا يَوْمُ يَنفَعُ﴾ و﴿يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ﴾ في قراءة من رفع "يوم" في الموضعين، وقول الآخر:
١١٧٠ـ............... * على حينِ الكرامُ قليلُ
[وقوله]:
١١٧١ـ على حينِ مَنْ تَلْبَثْ عليه ذَنُوبُه *.................
[وقوله]:
١١٧٢ـ على حينِ عاتَبْتُ المشيبَ على الصِّبا *.................
[وقوله]:
١١٧٣ـ ألا ليت أيامَ الصفاءِ جديدُ *..................
كيف خرجَتْ هذه الظروفُ من النَّصبِ إلى الرفعِ والجرِّ والنصبِ بـ"ليت" ومع ذلك هي مضافةٌ للجملِ التي بعدها.
(٣/٢٤٩)
---