قوله: ﴿وَهَبْ﴾ الهِبَةُ: العَطِيَّةُ، حُذِفَتْ فاؤها لِما تقدَّم في "عِدة" ونحوِها، كان حقُّ عينِ المضارع فيها كسرَ العين منه، إلا أنذَ ذلك مَنَعه كونُ العينِ حرفَ حلق، فالكسرةُ مقدرةٌ. فلذلك اعتُبِرت تلك الكسرةُ المقدرة، فحُذِفَت لها الواو، وهذا نحو: يَضَع ويَسَع لكونِ اللامِ حرفَ حلق. ويكون "هَبْ" فعلَ أمرِ بمعنى ظُنَّ، فيتعدَّى لمفعولين كقوله:
١١٧٤ـ................. * وإلاَّ فَهَبْنِي أمرَأً هالِكاً
وحينئذ لا تتصرَّفُ. ويقال أيضاً: "وَهَبَني اللهُ فداكَ" أي: جَعَلَني، ولا تتصرَّفُ أيضاً عن الماضي بهذا المعهنى.
قوله: ﴿مِن لَّدُنْكَ﴾ متعلق بـ"هَبْ"، ولَدُنْ: ظرف وهي لأولِ غايةِ زمانٍ أو مكان أو غيرهما من الذوات نحو: مِنْ لَدُن زيد، فليست مرادفةً لـ"عند" بل قد تكون بمعناها، وبعضُهم يقيِّدها بظرف المكان، وتُضاف لصريح الزمان، قال:
١١٧٥ــ تَنْتَهِضُ الرِّعْدة في ظُهَيْري * من لَدُنِ الظُّهْرِ إلى العُصَيْرِ
ولا تُقْطَعُ عن الإضافةَ بحالٍ، وأكثرُ ما تضافُ إلى المفرداتِ، وقد تُضَافُ إلى "أن" وصلتها لأنهما بتأويلِ مفردٍ قال:
١١٧٦ـ وُلِيْتَ فلم تَقْطَعْ لدُنْ أَنْ وَليْتَنَا * قرابةَ ذي قُرْبى ولا حَقَّ مُسْلِمِ
أي: لدنْ ولايتك إيانا، وقد تُضَاف إلى الجملةِ الاسمية كقوله:
١١٧٧ـ تَذَكَّرُ نُعْماه لَدُنْ أنتَ يافعٌ * إلى أنتَ ذو فَوْدَيْنِ أبيضَ كالنسرِ
وقد تُضاف للفعلية كقوله:
١١٧٨ـ لَزِمْنا لَدُنْ سالَمْتُمونا وفاقَكم * فلأيكُ منكمْ للخِلافِ جُنوحُ
وقال آخر:
١١٧٩ـ صريعُ غوانٍ رَاقَهُنَّ ورُقْنَه * لدُنْ شَبَّ حتى شابَ سودَ الذوائبِ
وفيها لغتان: الإعراب وهي لغةُ قيس. وبها قرأ أبو بكر عن عاصم: "مِنْ لَدُنهِ" بجر النون، وقوله:
١١٨٠ـ من لَدْنِ الظهرِ إلى العُصَيْرِ *.........................
(٣/٢٥٠)
---


الصفحة التالية
Icon