الخامس: أنه منصوبٌ بنفس "لن تُغْني" أي: لن تُغْنِي عنهم مثلَ ما لم تَغْنِ عن أولئك، ذَكَره الزمخشري، وضَعَّفه الشيخ بلزوم الفصلِ بين العامل ومعمولِه بالجملةِ التي هي قوله: ﴿وَأُولَائِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾، قال: "على أيّ التقديرين اللذين قَدَّرْناهما فيها من أن تكونَ معطوفةً على خبر "إنَّ" أو على الجملةِ المؤكَّدةِ بإنَّ،. قال: "فإنْ جَعَلْتهَا اعتراضيةً ـ وهو بعيدٌ ـ جاز ما قاله الزمخشري، السادس: أن يكونَ العاملُ فيها فعلاً مقدراً مدلولاً عليه بفلظِ الوقودِ تقديرُه: يُوقد بهم كعادةِ آل فِرعون، ويكون التشبيهُ في نفسِ الاحتراق، قاله ابن عطية. السابع: أَنَّ العاملَ "يُعَذَّبون" كعادة آل فرعون، يَدُلُّ عليه سياقُ اكلام. الثامن: أنه منصوبٌ بـ:"كَذَّبوا بآياتنا"، والضميرُ في "كَذَّبوا" على هذا لكفار مكة وغيرِهم من معاصري رسول الله ﷺ أي: كَذَّبوا تكذيباً كعادةِ آل فِرعون في ذلك التكذيبِ. التاسع: أنَّ العاملَ فيه قوله ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ﴾ أي: فأخذهم الله أَخْذاً كأخذِه آلَ فرعون، وهذا مردودٌ، فإنَّ ما بعد الفاءِ العاطفةِ لا يَعْمل فيها قبلها، لا يجوزُ: "قُمْتُ زيداً فضربْتُ" وأما "زيداً فاضربْ" فقد تقَّم الكلامُ عليه في البقرة. وقد حكى بعض النحويين عن الكوفيين أنهم يُجيزون تقديمَ المعمولِ على حرف العطف فعلى هذا يجوز هذا القول.
وفي كلام الزمخشري سهوٌ فإنه قال: "ويجوزُ أَنْ ينتصِبَ مَحَلُّ الكاف بـ"لن تُغْني" أو "بخالدون" أي: لن تُغْنيَ عنهم مثلَ ما لم تُغْنِ عن أولئك، أو هم فيها خالدون كما يَخْلُدون"، وليس في لفظ الآية الكريمة "خالدون" إنما نظْمُ القرآن: ﴿وَأُولَائِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾ ويَبْعُدُ أَنْ يُقال أراد "خالدون" مقدَّراً يَدُلُّ عليه سياقُ الكلام.
(٣/٢٥٦)
---